للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نَازِلَيْنِ قَرِيبًا مِنْ الْجَامِعِ الْأَزْهَرِ. وَابْنُ سِينَا وَابْنُهُ وَأَخُوهُ كَانُوا مِنْ أَتْبَاعِهِمَا: قَالَ ابْنُ سِينَا: وَقَرَأْت مِنْ الْفَلْسَفَةِ، وَكُنْت أَسْمَعُ أَبِي وَأَخِي يَذْكُرَانِ " الْعَقْلَ " " وَالنَّفْسَ "، وَكَانَ وُجُودُهُ عَلَى عَهْدِ الْحَاكِمِ، وَقَدْ عَلِمَ النَّاسُ مِنْ سِيرَةِ الْحَاكِمِ مَا عَلِمُوهُ، وَمَا فَعَلَهُ هشتكين الدَّرْزِيّ بِأَمْرِهِ مِنْ دَعْوَةِ النَّاسِ إلَى عِبَادَتِهِ، وَمُقَاتَلَتِهِ أَهْلَ مِصْرَ عَلَى ذَلِكَ، ثُمَّ ذَهَابُهُ إلَى الشَّامِ حَتَّى أَضَلَّ وَادِي التَّيْمِ بْنِ ثَعْلَبَةَ. وَالزَّنْدَقَةُ وَالنِّفَاقُ فِيهِمْ إلَى الْيَوْمِ، وَعِنْدَهُمْ كُتُبُ الْحَاكِمِ، وَقَدْ أَخَذْتهَا مِنْهُمْ، وَقَرَأْت مَا فِيهَا مِنْ عِبَادَتِهِمْ الْحَاكِمَ؛ وَإِسْقَاطِهِ عَنْهُمْ الصَّلَاةَ، وَالزَّكَاةَ، وَالصِّيَامَ، وَالْحَجَّ، وَتَسْمِيَةِ الْمُسْلِمِينَ الْمُوجِبِينَ لِهَذِهِ الْوَاجِبَاتِ الْمُحَرِّمِينَ لِمَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ بِالْحَشْوِيَّةِ. إلَى أَمْثَالِ ذَلِكَ مِنْ أَنْوَاعِ النِّفَاقِ الَّتِي لَا تَكَادُ تُحْصَى.

وَبِالْجُمْلَةِ " فَعِلْمُ الْبَاطِنِ " الَّذِي يَدَّعُونَ مَضْمُونُهُ الْكُفْرُ بِاَللَّهِ، وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ؛ بَلْ هُوَ جَامِعٌ لِكُلِّ كُفْرٍ، لَكِنَّهُمْ فِيهِ عَلَى دَرَجَاتٍ فَلَيْسُوا مُسْتَوِينَ فِي الْكُفْرِ؛ إذْ هُوَ عِنْدَهُمْ سَبْعُ طَبَقَاتٍ، كُلُّ طَبَقَةٍ يُخَاطِبُونَ بِهَا طَائِفَةً مِنْ النَّاسِ بِحَسَبِ بُعْدِهِمْ مِنْ الدِّينِ وَقُرْبِهِمْ مِنْهُ.

وَلَهُمْ أَلْقَابٌ وَتَرْتِيبَاتٌ رَكَّبُوهَا مِنْ مَذْهَبِ الْمَجُوسِ، وَالْفَلَاسِفَةِ، وَالرَّافِضَةِ مِثْلُ قَوْلِهِمْ: " السَّابِقُ " " وَالتَّالِي " جَعَلُوهُمَا بِإِزَاءِ، الْعَقْلِ " " وَالنَّفْسِ " كَاَلَّذِي يَذْكُرُهُ الْفَلَاسِفَةُ، وَبِإِزَاءِ النُّورِ وَالظُّلْمَةِ كَاَلَّذِي يَذْكُرُهُ الْمَجُوسُ. وَهُمْ يَنْتَمُونَ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ إسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ، وَيَدَّعُونَ أَنَّهُ هُوَ السَّابِعُ وَيَتَكَلَّمُونَ فِي الْبَاطِنِ. وَالْأَسَاسِ، وَالْحُجَّةِ، وَالْبَابِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَطُولُ وَصْفُهُمْ.

وَمِنْ وَصَايَاهُمْ فِي " النَّامُوسِ الْأَكْبَرِ، وَالْبَلَاغِ الْأَعْظَمِ " أَنَّهُمْ يَدْخُلُونَ عَلَى الْمُسْلِمِينَ مِنْ " بَابِ التَّشَيُّعِ " وَذَلِكَ لِعِلْمِهِمْ بِأَنَّ الشِّيعَةَ مِنْ أَجْهَلِ الطَّوَائِفِ، وَأَضْعَفِهَا عَقْلًا وَعِلْمًا، وَأَبْعَدِهَا عَنْ دِينِ الْإِسْلَامِ عِلْمًا وَعَمَلًا، وَلِهَذَا دَخَلَتْ الزَّنَادِقَةُ عَلَى الْإِسْلَامِ مِنْ بَابِ الْمُتَشَيِّعَةِ قَدِيمًا وَحَدِيثًا، كَمَا دَخَلَ الْكُفَّارُ الْمُحَارِبُونَ مَدَائِنَ الْإِسْلَامِ بَغْدَادَ بِمُعَاوَنَةِ الشِّيعَةِ، كَمَا جَرَى لَهُمْ فِي دَوْلَةِ التُّرْك الْكُفَّارِ بِبَغْدَاد وَحَلَبَ وَغَيْرِهِمَا؛ بَلْ كَمَا جَرَى بِتَغَيُّرِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ النَّصَارَى وَغَيْرِهِمْ، فَهُمْ يُظْهِرُونَ التَّشَيُّعَ لِمَنْ يَدْعُونَهُ، وَإِذَا اسْتَجَابَ لَهُمْ نَقَلُوهُ إلَى الرَّفْضِ وَالْقَدْحِ فِي الصَّحَابَةِ، فَإِنْ رَأَوْهُ قَابِلًا نَقَلُوهُ إلَى الطَّعْنِ فِي عَلِيٍّ وَغَيْرِهِ ثُمَّ نَقَلُوهُ إلَى الْقَدْحِ فِي نَبِيِّنَا وَسَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ، وَقَالُوا: إنَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>