وَقَالَ: {مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ} [البقرة: ٢٦١] . وَقَالَ: {يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ} [البقرة: ٢٧٦] . وَقَالَ: {إِنَّ الْمُصَّدِّقِينَ وَالْمُصَّدِّقَاتِ وَأَقْرَضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا} [الحديد: ١٨] ، وَقَالَ: {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] .
وَقَالَ: {فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ} [البقرة: ٢٣١] إلَى نَحْوِ ذَلِكَ مِنْ الْآيَاتِ الْمَشْرُوعِ فِيهَا الْعُقُودُ، إمَّا أَمْرٌ وَإِمَّا إبَاحَةٌ، وَالْمَنْهِيُّ فِيهَا عَنْ بَعْضِهَا كَالزِّنَا فَإِنَّ الدَّلَالَةَ فِيهَا مِنْ وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ بِالتَّرَاضِي فِي الْبَيْعِ فِي قَوْلِهِ: {إِلا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] . وَبِطِيبِ النَّفْسِ فِي التَّبَرُّعِ فِي قَوْلِهِ: {فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا} [النساء: ٤] فَتِلْكَ الْآيَةُ فِي جِنْسِ الْمُعَاوَضَاتِ وَهَذِهِ مِنْ جِنْسِ التَّبَرُّعَاتِ، وَلَمْ يَشْتَرِطْ لَفْظًا مُعَيَّنًا، وَلَا فِعْلًا مُعَيَّنًا يَدُلُّ عَلَى التَّرَاضِي وَعَلَى طِيبِ النَّفْسِ، وَنَحْنُ نَعْلَمُ بِالِاضْطِرَارِ مِنْ عَادَاتِ النَّاسِ فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ أَنَّهُمْ يَعْلَمُونَ التَّرَاضِيَ وَطِيبَ النَّفْسِ، وَالْعِلْمُ بِهِ ضَرُورِيٌّ فِي غَالِبِ مَا يُعْتَادُ مِنْ الْعُقُودِ وَظَاهِرٌ فِي بَعْضِهَا، وَإِذَا وُجِدَ تَعَلُّقُ الْحُكْمِ بِهِمَا بِدَلَالَةِ الْقُرْآنِ، وَبَعْضُ النَّاسِ قَدْ يَحْمِلُهُ الْكَذِبُ فِي نُصْرَةِ قَوْلٍ مُعَيَّنٍ، عَلَى أَنْ يَجْحَدَ مَا يَعْلَمُ النَّاسُ مِنْ التَّرَاضِي وَطِيبِ النَّفْسِ، فَلَا عِبْرَةَ بِجَحْدِ مِثْلِ هَذَا، فَإِنَّ جَحْدَ الضَّرُورِيَّاتِ قَدْ يَقَعُ كَثِيرًا عَنْ مُوَطَّأَةٍ وَتَلْقِينٍ فِي الْأَخْبَارِ وَالْمَذَاهِبِ.
فَالْعِبْرَةُ بِلَفْظَتِهِ الَّتِي لَمْ يُعَارِضْهَا مَا يُغَيِّرُهَا، وَلِهَذَا قُلْنَا: إنَّ الْأَخْبَارَ الْمُتَوَاتِرَةَ يَحْصُلُ بِهَا الْعِلْمُ بِحَيْثُ لَا يُتَوَاطَأُ عَلَى الْكَذِبِ؛ لِأَنَّ الْفِطْرَةَ لَا تَتَّفِقُ. فَأَمَّا مَعَ التَّوَاطُؤِ وَالِاتِّفَاقِ فَقَدْ تَتَّفِقُ جَمَاعَاتٌ عَلَى الْكَذِبِ.
الْوَجْهُ الثَّانِي: أَنَّ هَذِهِ الْأَسْمَاءَ جَاءَتْ فِي كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ مُعَلَّقًا بِهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute