وَأَيْضًا فَإِنَّ النَّبِيَّ. قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ: «إذَا حَلَفْت عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْت غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك» أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَفِي رِوَايَةٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ: «فَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِك وَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» رَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ وَلْيَفْعَلْ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» . وَفِي رِوَايَةٍ: «فَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ» .
وَهَذَا نَكِرَةٌ فِي سِيَاقِ الشَّرْطِ فَيَعُمُّ كُلَّ حَلِفٍ عَلَى يَمِينٍ كَائِنًا مَا كَانَ الْحَلِفُ.
فَإِذَا رَأَى غَيْرَ الْيَمِينِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهَا خَيْرًا مِنْهَا وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهَا تَرْكًا لِخَيْرٍ فَيَرَى فِعْلَهُ خَيْرًا مِنْ تَرْكِهِ، أَوْ يَكُونُ فِعْلًا لِشَرٍّ فَيَرَى تَرْكَهُ خَيْرًا مِنْ فِعْلِهِ فَقَدْ أَمَرَهُ النَّبِيُّ أَنْ يَأْتِيَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَيُكَفِّرَ عَنْ يَمِينِهِ، وَقَوْلُهُ هُنَا عَلَى يَمِينٍ هُوَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ مِنْ بَابِ تَسْمِيَةِ الْمَفْعُولِ بِاسْمِ الْمَصْدَرِ، سُمِّيَ الْأَمْرُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ يَمِينًا كَمَا يُسَمَّى الْمَخْلُوقُ خَلْقًا وَالْمَضْرُوبُ ضَرْبًا وَالْمَبِيعُ بَيْعًا وَنَحْوُ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ أَخْرَجَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ «أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فِي قِصَّتِهِ، وَقِصَّةِ أَصْحَابِهِ بِهِ لَمَّا جَاءُوا إلَى النَّبِيِّ لِيَسْتَحْمِلُوهُ، فَقَالَ: وَاَللَّهِ مَا أَحْمِلُكُمْ وَمَا عِنْدِي مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: إنِّي إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إلَّا كَفَّرْت عَنْ يَمِينِي، وَأَتَيْت الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» .
وَرَوَى مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ، عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «إذَا حَلَفَ أَحَدُكُمْ عَلَى الْيَمِينِ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيُكَفِّرْهَا وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: «مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا فَلْيُكَفِّرْهَا وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ» .
وَقَدْ رُوِيَتْ هَذِهِ السُّنَّةُ عَنْ النَّبِيِّ مِنْ غَيْرِ هَذِهِ الْوُجُوهِ، مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ وَعَوْفِ بْنِ مَالِكٍ الْجُشَمِيِّ، فَهَذِهِ نُصُوصُ رَسُولِ اللَّهِ الْمُتَوَاتِرَةُ، أَنَّهُ أَمَرَ مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا أَنْ يُكَفِّرَ يَمِينَهُ وَيَأْتِيَ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ، وَلَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ الْحَلِفِ بِاَللَّهِ أَنَّ النَّذْرَ وَنَحْوَهُ، وَرَوَى النَّسَائِيّ عَنْ أَبِي مُوسَى قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ: «مَا عَلَى الْأَرْضِ يَمِينٌ أَحْلِفُ عَلَيْهَا فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إلَّا أَتَيْته» وَهَذَا صَرِيحٌ بِأَنَّهُ قَصَدَ تَعْمِيمَ كُلِّ يَمِينٍ فِي الْأَرْضِ، وَكَذَلِكَ الصَّحَابَةُ فَهِمُوا مِنْهُ دُخُولَ الْحَلِفِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute