للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمَنْ يَعْتَقِدُ أَنَّهُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ فِي الْبَاطِنِ اتِّبَاعُ شَرِيعَةِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ أَنَّهُ إذَا حَصَلَتْ لَهُ الْمَعْرِفَةُ وَالتَّحْقِيقُ سَقَطَ عَنْهُ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ أَوْ أَنَّهُ الْعَارِفُ الْمُحَقِّقُ يَجُوزُ لَهُ التَّدَيُّنُ بِدِينِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى، وَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ الِاعْتِصَامُ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَأَمْثَالُ هَؤُلَاءِ.

فَإِنَّ هَؤُلَاءِ مُنَافِقُونَ زَنَادِقَةٌ، وَإِذَا ظُهِرَ عَلَى أَحَدِهِمْ فَإِنَّهُ يَجِبُ قَتْلُهُ بِاتِّفَاقِ الْمُسْلِمِينَ، وَهُمْ كَثِيرُونَ فِي هَذِهِ الْأَزْمِنَةِ، وَعَلَى وُلَاةِ الْأُمُورِ مَعَ إعْطَاءِ الْفُقَرَاءِ بَلْ وَالْأَغْنِيَاءِ بِأَنْ يُلْزِمُوا هَؤُلَاءِ بِاتِّبَاعِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَطَاعَةِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، وَلَا يُمَكِّنُوا أَحَدًا مِنْ الْخُرُوجِ مِنْ ذَلِكَ وَلَوْ ادَّعَى مِنْ الدَّعَاوَى مَا ادَّعَاهُ، وَلَوْ زَعَمَ أَنَّهُ يَطِيرُ فِي الْهَوَاءِ أَوْ يَمْشِي عَلَى الْمَاءِ، وَمَنْ كَانَ مِنْ الْفُقَرَاءِ الَّذِينَ لَمْ تَشْغَلْهُمْ مَنْفَعَةُ غَايَةٍ لِلْمُسْلِمِينَ عَنْ الْكَسْبِ قَادِرًا عَلَيْهِ، لَمْ يَجُزْ أَنْ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ، وَأَحْمَدَ، وَجَوَّزَ ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ.

وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ وَلَا لِقَوِيٍّ مُكْتَسِبٍ» وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُعْطَى مِنْ الزَّكَاةِ مَنْ يَصْنَعُ بِهَا دَعْوَةً وَضِيَافَةً لِلْفُقَرَاءِ، وَلَا يُقِيمُ بِهَا سِمَاطٌ لَا لِوَارِدٍ وَلَا غَيْرِ وَارِدٍ.

بَلْ يَجِبُ أَنْ يُعْطَى مِلْكًا لِلْفَقِيرِ الْمُحْتَاجِ بِحَيْثُ يُنْفِقُهَا عَلَى نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ فِي بَيْتِهِ إنْ شَاءَ، وَيَقْضِي مِنْهَا دُيُونَهُ وَيَصْرِفُهَا فِي حَاجَاتِهِ.

وَلَيْسَ فِي الْمُسْلِمِينَ مَنْ يُنْكِرُ صَرْفَ الصَّدَقَاتِ، وَفَاضِلَ أَمْوَالِ الْمَصَالِحِ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَمَنْ نُقِلَ عَنْهُ ذَلِكَ، فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَجْهَلْ النَّاسِ بِالْعِلْمِ، وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ مِنْ أَعْظَمِ النَّاسِ كُفْرًا بِالدِّينِ، بَلْ بِسَائِرِ الْمِلَلِ وَالشَّرَائِعِ، أَوْ يَكُونَ النَّقْلُ عَنْهُ كَذِبًا أَوْ مُحَرَّفًا، فَأَمَّا مَنْ هُوَ مُتَوَسِّطٌ فِي عِلْمٍ وَدِينٍ فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ ذَلِكَ، وَلَا يَنْهَى عَنْ ذَلِكَ.

وَلَكِنْ قَدْ اخْتَلَطَ فِي هَذِهِ الْأَمْوَالِ الْمُرَتَّبَةِ السُّلْطَانِيَّةِ الْحَقُّ وَالْبَاطِلُ، فَأَقْوَامٌ كَثِيرُونَ مِنْ ذَوِي الْحَاجَاتِ، وَالدِّينِ، وَالْعِلْمِ، لَا يُعْطَى أَحَدُهُمْ كِفَايَتَهُ، وَيَتَمَزَّقُ جُوعًا وَهُوَ لَا يَسْأَلُ، وَمَنْ يَعْرِفُهُ فَلَيْسَ عِنْدَهُ مَا يُعْطِيهِ، وَأَقْوَامٌ كَثِيرُونَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ النَّاسِ

<<  <  ج: ص:  >  >>