للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَإِنْ قِيلَ: هَذَا نَفْيٌ لِلِاحْتِمَالِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ، وَإِنْ كَانَ لَمْ يَنْفِهِ فِي أُخْرَى قُلْنَا: هَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ إنْ لَوْ لَمْ تَكُنْ الصُّورَةُ الْمَذْكُورَةُ مُقَيِّدَةً لِلَّفْظِ الْمُطْلَقِ فَإِنَّ قَوْلَهُ: مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ. مُطْلَقٌ، وَقَدْ قَيَّدَهُ: عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ. وَفِي مِثْلِ هَذَا لَا يُقَالُ: ذِكْرُ صُورَةٍ وَتَرْكُ أُخْرَى؛ إلَّا إذَا كَانَ الْكَلَامُ مُسْتَقِلًّا بِنَفْسِهِ غَيْرَ مُتَّصِلٍ بِغَيْرِهِ؛ فَأَمَّا إذَا كَانَ الْكَلَامُ مُتَّصِلًا بِغَيْرِهِ فَإِنَّهُ يَصِيرُ قَيْدًا فِي ذَلِكَ الْأَوَّلِ؛ فَإِنَّ قَوْلَهُ: عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ. نُصِبَ عَلَى الْحَالِ أَيْضًا؛ وَالْحَالُ صِفَةٌ، وَالصِّفَةُ مُقَيِّدَةٌ، فَكَأَنَّهُ قَالَ: بِشَرْطِ أَنَّهُ مَنْ كَانَ مَوْتُهُ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى ذَوِي الطَّبَقَةِ؛ أَوْ أَنَّهُ يَنْتَقِلُ نَصِيبُ الْمَيِّتِ إلَى ذَوِي الطَّبَقَةِ بِشَرْطِ أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمَيِّتِ وَلَدٌ، وَمَعْلُومٌ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ الِانْتِقَالَ الْمَشْرُوطَ بِصِفَةٍ لَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ بِدُونِ تِلْكَ الصِّفَةِ.

فَقَوْلُهُ: عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ. صِفَةٌ لِمَوْتِ الْمَيِّتِ؛ وَالِانْتِقَالُ إذَا مَاتَ الْمَيِّتُ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ صِفَةٌ لِلْوَقْفِ، وَالْوَقْفُ الْمَوْصُوفُ بِصِفَةٍ، وَتِلْكَ الصِّفَةُ مَوْصُوفَةٌ بِأُخْرَى: لَا يَجُوزُ إثْبَاتُهُ إلَّا مَعَ وُجُودِ الصِّفَةِ وَصِفَةِ الصِّفَةِ. فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ وَقْفًا عَلَى الْأَوْلَادِ؛ ثُمَّ أَوْلَادِهِمْ؛ إلَّا بِشَرْطِ انْتِقَالِ نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى إلَى ذَوِي الطَّبَقَةِ.

وَلَا يَجُوزُ نَقْلُ نَصِيبِ الْمَيِّتِ إلَى ذَوِي الطَّبَقَةِ إلَّا بِشَرْطِ مَوْتِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ أَوْ نَسْلٍ أَوْ عَقِبٍ؛ حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ - وَإِنْ بَعُدَ - كَانَ وُجُودُهَا مَانِعًا مِنْ الِانْتِقَالِ إلَى ذَوِي الطَّبَقَةِ، وَمُوجِبًا لِلِانْتِقَالِ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: عَلَى أَوْلَادِهِ، ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ. ثُمَّ نَسْلِهِ وَعَقِبِهِ دَائِمًا مَا تَنَاسَلُوا.

وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا السُّؤَالَ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ وُجُوهُ فَسَادِهِ مَعَ مَا ذَكَرْنَاهُ لِكَثْرَتِهَا.

مِنْهَا: أَنَّهُ لَوْ كَانَ قَصْدُهُ مُجَرَّدَ نَفْيِ احْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ لَكَانَ التَّعْمِيمُ بِقَوْلِهِ: مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ. أَوْ التَّنْبِيهُ بِقَوْلِهِ: مَنْ مَاتَ مِنْهُ عَنْ وَلَدٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى ذَوِي طَبَقَتِهِ. هُوَ الْوَاجِبُ؛ فَإِنَّهُ إذَا انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى ذَوِي الطَّبَقَةِ مَعَ الْوَلَدِ فَمَعَ عَدَمِهِ أَوْلَى. أَمَّا أَنْ يَنُصَّ عَلَى انْتِقَالِهِ إلَيْهِمْ أَيْضًا مَعَ الْوَلَدِ لِمُجَرَّدِ قَوْلِهِ: عَلَى وَلَدِي، ثُمَّ وَلَدِ وَلَدِي؛ مَعَ أَنَّ احْتِمَالَ الِانْقِطَاعِ هُنَا قَائِمٌ مَعَ احْتِمَالٍ آخَرَ يَنْفَرِدُ بِهِ، وَهُوَ الِانْتِقَالُ إلَى الْوَلَدِ؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ انْتِقَالِهِ إلَى وَلَدِ الْوَلَدِ هُنَا أَظْهَرُ مِنْ احْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ، وَمَعَ أَنَّ فَهْمَ التَّخْصِيصِ مَعَ التَّقْيِيدِ أَظْهَرُ مِنْ فَهْمِ الِانْقِطَاعِ، وَمَعَ أَنَّ دَلَالَةَ قَوْلِهِ: عَلَى وَلَدِ وَلَدِي. فِي الِانْتِقَالِ إلَى الطَّبَقَةِ مَعَ عَدَمِ الْوَلَدِ أَظْهَرُ مِنْ دَلَالَتِهِ فِي الِانْتِقَالِ إلَيْهِمْ مَعَ وُجُودِ

<<  <  ج: ص:  >  >>