للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمِنْهَا أَنْ يُقَالَ: قَوْلُهُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ. قَيْدٌ فِي الِانْتِقَالِ أَمْ لَا؟ فَإِنْ قَالَ: لَيْسَ بِقَيْدٍ. فَهُوَ مُكَابَرَةٌ ظَاهِرَةٌ فِي اللُّغَةِ. وَإِنْ قَالَ: هُوَ قَيْدٌ، قِيلَ لَهُ: فَيَجُوزُ إثْبَاتُ الْحُكْمِ الْمُقَيَّدِ بِدُونِ قَيْدِهِ. فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ بِالدَّلِيلِ الْأَوَّلِ. قِيلَ: فَيَجُوزُ الِاسْتِدْلَال بِأَوَّلِ الْكَلَامِ مُطْلَقًا عَمَّا قُيِّدَ بِهِ فِي آخِرِهِ. فَإِنْ قَالَ: نَعَمْ، عُلِمَ أَنَّهُ مُكَابِرٌ. وَإِنْ قَالَ: لَا. ثَبَتَ الْمَطْلُوبُ. وَهَذِهِ مُقَدَّمَاتٌ يَقِينِيَّةٌ، لَا يَقْدَحُ فِيهَا كَوْنُ الْكَلَامِ لَهُ فَوَائِدُ أُخَرُ، وَمَنْ وَقَفَ عَلَيْهَا مُقَدَّمَةً لَمْ يَبْقَ إلَّا مُعَانِدًا أَوْ مُسَلِّمًا لِلْحَقِّ.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ إذَا قِيلَ بِأَنَّ الْوَقْفَ يَكُونُ مُنْقَطِعَ الْوَسَطِ إذَا مَاتَ الْمَيِّتُ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ، وَلَا يَكُونُ مُنْقَطِعًا إذَا مَاتَ عَنْ وَلَدٍ: كَانَ لِهَذَا السُّؤَالِ وَجْهٌ؛ لَكِنْ يَكُونُ حُجَّةً عَلَى الْمُنَازِعِ؛ فَإِنَّهُ إذَا كَانَ مُتَّصِلًا مَعَ مَوْتِهِ عَنْ وَلَدٍ فَإِنْ كَانَ يَنْتَقِلُ إلَى الْوَلَدِ فَهُوَ الْمَطْلُوبُ. وَإِنْ كَانَ يَنْتَقِلُ إلَى الطَّبَقَةِ: فَمُحَالٌ أَنْ يَقُولَ فَقِيهٌ: إنَّهُ يَنْتَقِلُ إلَى الطَّبَقَةِ مَعَ الْوَلَدِ، وَيَكُونُ مُنْقَطِعًا مَعَ عَدَمِ الْوَلَدِ. فَثَبَتَ أَنَّ جَعْلَ هَذَا الْكَلَامِ رَفْعًا لِاحْتِمَالِ الِانْقِطَاعِ دَلِيلٌ ظَاهِرٌ عَلَى انْتِقَالِ نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى عَنْ وَلَدٍ إلَى وَلَدِهِ. وَدَلَائِلُ هَذَا مِثْلُ الْمَطَرِ وَاَللَّهُ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ إلَى سَوَاءِ الصِّرَاطِ.

الْوَجْهُ الثَّانِي: فِي أَصْلِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ قَوْلَهُ: عَلَى أَوْلَادِهِ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ. مُقْتَضٍ لِلتَّرْتِيبِ. وَهُوَ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ أَوْلَادِ الْأَوْلَادِ بَعْدَ الْأَوْلَادِ. وَهُنَا جَمْعَانِ: أَحَدُهُمَا مُرَتَّبٌ عَلَى الْآخَرِ. وَالْأَحْكَامُ الْمُرَتَّبَةُ عَلَى الْأَسْمَاءِ الْعَامَّةِ نَوْعَانِ:

أَحَدُهُمَا: مَا يَثْبُتُ لِكُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِ ذَلِكَ الْعَامِّ، سَوَاءٌ قُدِّرَ وُجُودُ الْفَرْدِ الْآخَرِ، أَوْ عَدَمُهُ.

وَالثَّانِي: مَا يَثْبُتُ لِمَجْمُوعِ تِلْكَ الْأَفْرَادِ؛ فَيَكُونُ وُجُودُ كُلٍّ مِنْهَا شَرْطًا فِي ثُبُوتِ الْحُكْمِ لِلْآخَرِ.

مِثَالُ الْأَوَّلِ قَوْله تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ} [البقرة: ٢١] . {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ} [المائدة: ٦] .

وَمِثَالُ الثَّانِي

<<  <  ج: ص:  >  >>