مَشْكُوكًا فِيهِ لَمْ يَثْبُتْ؛ فَإِنَّهُ لَا نَصَّ مَعَ احْتِمَالِ التَّغْيِيرِ؛ لَا سِيَّمَا مِثْلُ هَذَا الِاحْتِمَالِ الْقَوِيِّ الَّذِي هُوَ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ رَاجِحٌ.
فَإِنْ قَالَ: الْمُقْتَضِي لِدُخُولِهِمْ قَائِمٌ، وَالْمَانِعُ مِنْ خُرُوجِهِمْ مَشْكُوكٌ فِيهِ. قُلْت عَلَى قَوْلِ مَنْ يَمْنَعُ تَخْصِيصَ الْعِلَّةِ لَا أُسَلِّمُ قِيَامَ الْمُقْتَضِي لِدُخُولِهِمْ فَإِنَّ الْمُقْتَضِيَ لِدُخُولِهِمْ هُوَ اللَّفْظُ الَّذِي لَمْ يُوصَلْ بِهِ مَا يُخْرِجُهُمْ، فَلَا أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا اللَّفْظَ لَمْ يُوصَلْ بِهِ مَا يُخْرِجُهُمْ حَتَّى أَعْلَمَ أَنَّ هَذَا الِاسْتِثْنَاءَ لَا يُخْرِجُهُمْ، وَهَذَا الشَّرْطُ مَشْكُوكٌ فِيهِ. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِ مَنْ يَقُولُ بِتَخْصِيصِهَا فَأُسَلِّمُ قِيَامَ الْمُقْتَضِي؛ لَكِنَّ شَرْطَ اقْتِضَائِهِ عَدَمُ الْمَانِعِ الْمُعَارِضِ. وَهُنَا مَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ مَانِعًا مُعَارِضًا، فَمَا لَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ يَبْقَى صَلَاحُهُ لِلْمُعَارَضَةِ وَإِلَّا لَمْ يَعْمَلْ الْمُقْتَضِي عَمَلَهُ، وَالصَّلَاحُ لِلْمُعَارَضَةِ لَا مَزِيَّةَ فِيهِ.
وَهَذَا الْبَحْثُ بِعَيْنِهِ - وَهُوَ بَحْثُ الْقَائِلِينَ بِعَوْدِ الِاسْتِثْنَاءِ إلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ مَعَ الْقَاصِرِينَ عَلَى الْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ. ثُمَّ يَقُولُ مِنْ رَأْسٍ: إذَا قَالَ مَثَلًا وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي، ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ إلَّا الْفُسَّاقَ - الْمُنَازِعُ يَقُولُ: وَلَدِي نَصٌّ فِي أَوْلَادِهِ، وَالْفُسَّاقُ يَجُوزُ أَنْ يَخْتَصَّ بِالْفُقَرَاءِ. فَنَقُولُ لَهُ: هَذَا مُعَارَضٌ بِمِثْلِهِ؛ فَإِنَّ الْفُسَّاقَ نَصٌّ فِي جَمِيعِ الْفُسَّاقِ، فَإِنَّهُ اسْمُ جَمْعٍ مُعَرَّفٌ بِاللَّامِ، وَإِذَا كَانَ عَامًّا وَجَبَ شُمُولُهُ لِكُلِّ فَاسِقٍ؛ فَدَعْوَى اخْتِصَاصِهِ بِفُسَّاقِ الْفُقَرَاءِ دُونَ الْأَوْلَادِ يَحْتَاجُ إلَى مُخَصِّصٍ. فَلَيْسَتْ الْمُحَافَظَةُ عَلَى عُمُومِ الْأَوْلَادِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالتَّخْصِيصِ بِأَوْلَى مِنْ الْمُحَافَظَةِ عَلَى عُمُومِ الْفُسَّاقِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ بِالْمُخَصِّصِ؛ بَلْ الرَّاجِحُ إخْرَاجُهُمْ لِأَسْبَابٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ دُخُولِهِمْ فِي الْوَقْفِ، وَقَدْ تَعَارَضَ عُمُومَانِ فِي دُخُولِهِمْ وَخُرُوجِهِمْ، فَيَسْلَمُ النَّافِي لِدُخُولِهِمْ عَنْ مُعَارِضٍ رَاجِحٍ.
الثَّانِي: أَنَّا قَدْ تَيَقَّنَّا خُرُوجَهُمْ مِنْ إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ، فَكَانَ أَحَدُ الْعُمُومَيْنِ الْمَعْطُوفِينَ مَخْصُوصًا، فَإِلْحَاقُ شَرِيكِهِ فِي التَّخْصِيصِ أَوْلَى مِنْ إدْخَالِ التَّخْصِيصِ عَلَى مَا لَيْسَ بِشَرِيكِهِ. الثَّالِثُ: أَنَّ الْمَعْطُوفَ وَالْمَعْطُوفَ عَلَيْهِ بِمَنْزِلَةِ الْجُمْلَةِ الْوَاحِدَةِ، فَإِذَا وَرَدَ التَّخْصِيصُ عَلَيْهَا ضَعُفَتْ؛ بِخِلَافِ عُمُومِ الْمُسْتَثْنَى فَإِنَّهُ لَمْ يَرِدْ عَلَيْهِ تَخْصِيصٌ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute