الثَّانِي: أَنَّا قَدْ مَنَعْنَا كَوْنَ هَذَا مُقْتَضَاهُ التَّشْرِيكَ، فَتَبْطُلُ الْفَائِدَةُ.
الثَّالِثُ: أَنَّ فِي عَوْدِهِ إلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ فَوَائِدَ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَدُلُّ بِنُطْقِهِ عَلَى نَقْلِ نَصِيبِ الْمَيِّتِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ إلَى ذَوِي طَبَقَتِهِ، وَتَنْبِيهُهُ الَّذِي هُوَ أَقْوَى مِنْ النُّطْقِ عَلَى نَقْلِ نَصِيبِ الْمُتَوَفَّى عَنْ وَلَدٍ إلَى وَلَدِهِ، كَمَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ.
الْفَائِدَةُ الثَّانِيَةُ: أَنَّ قَوْلَهُ: عَلَى أَوْلَادِهِ، ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ - إلَى قَوْلِهِ دَائِمًا مَا تَنَاسَلُوا وَأَبَدًا مَا تَعَاقَبُوا. يَقْتَضِي اسْتِحْقَاقَ ذُرِّيَّتِهِ لِلْوَقْفِ، فَإِذَا مَاتَ الْمَيِّتُ وَلَيْسَ لَهُ إلَّا ذَوُو طَبَقَتَهُ، وَأَوْلَادُ أَوْلَادِهِ: أَفَادَ الشَّرْطُ إخْرَاجَ الطَّبَقَةِ؛ فَيَبْقَى الْأَوْلَادُ دَاخِلِينَ فِي اللَّفْظِ الْأَوَّلِ مَعَ الثَّانِي. فَمَجْمُوعُ قَوْلِهِ: عَلَى أَوْلَادِي ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِي. مَعَ قَوْلِهِ: عَلَى أَنَّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ يَنْتَقِلُ إلَى إخْوَتِهِ. دَلَّنَا عَلَى أَنَّ نَصِيبَ الْمَيِّتِ عَنْ وَلَدٍ يَنْتَقِلُ إلَى وَلَدِهِ؛ لِأَنَّهُمْ فِي عُمُومِ قَوْلِهِ: أَوْلَادِ أَوْلَادِي، وَدَخَلَتْ الطَّبَقَةُ فِي الْعُمُومِ، فَلَمَّا خَرَجَتْ الطَّبَقَةُ بِالشَّرْطِ بَقِيَ وَلَدُ الْوَلَدِ. وَهَكَذَا كُلُّ لَفْظٍ عَامٍّ لِنَوْعَيْنِ أُخْرِجَ أَحَدُهُمَا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ الْآخَرُ، وَهَذِهِ دَلَالَةٌ ثَانِيَةٌ عَلَى انْتِقَالِ نَصِيبِ الْمَيِّتِ عَنْ وَلَدٍ إلَى وَلَدِهِ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ الْعَامِّ الَّذِي لَمْ يَبْقَ فِيهِ إلَّا هُمْ، وَهِيَ غَيْرُ دَلَالَة التَّنْبِيه.
وَإِنْ شِئْت عَبَّرْت عَنْ ذَلِكَ بِأَنْ تَقُولَ: نَصِيبُ الْمَيِّتِ إمَّا لِلْأَوْلَادِ، أَوْ لِأَوْلَادِ الْأَوْلَادِ، كَمَا دَلَّ عَلَى انْحِصَارِ الْوَقْفِ فِيهِمَا قَوْلُهُ: عَلَى أَوْلَادِي، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ. فَكَمَا مَنَعَ الْأَوْلَادَ أَنْ يَنْتَقِلَ إلَيْهِمْ نَصِيبُ الْمَيِّتِ عَنْ وَلَد: تَعَيَّنَ أَنْ يَكُونَ لِلنَّوْعِ الْآخَرِ.
يَبْقَى أَنْ يُقَالَ: فَقَدْ يَكُونُ هُنَاكَ مَنْ لَيْسَ مِنْ الطَّبَقَةِ؛ وَلَا مِنْ الْوَلَدِ. قُلْنَا: إذَا ظَهَرَتْ الْفَائِدَةُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ حَصَلَ الْمَقْصُودُ، وَهِيَ صُورَةُ مَسْأَلَتِنَا، فَإِنَّا لَمْ نَتَكَلَّمْ إلَّا فِي نَصِيبِ الْمَيِّتِ: هَلْ يُصْرَفُ إلَى إخْوَتِهِ أَوْ وَلَدِهِ؟ أَمَّا لَوْ كَانَ لِلْمَيِّتِ عَمٌّ - مَثَلًا - فَنَقُولُ: حِرْمَانُ طَبَقَةِ الْمَيِّتِ تَنْبِيهٌ عَلَى حِرْمَانِ مَنْ هُمْ أَبْعَدُ عَنْهُ؛ فَإِنَّ طَبَقَتَهُ لَمْ يَحْرِمْهُمْ لِبُعْدِهِمْ مِنْ الْوَقْفِ؛ فَإِنَّ الْوَلَدَ أَبْعَدُ مِنْهُمْ.
وَقَدْ بَيَّنَّا أَنَّ ذَلِكَ يَقْتَضِي إعْطَاءَ الْوَلَدِ فِي أَكْثَرِ الصُّوَرِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ حَرَمَهُمْ لِبُعْدِهِمْ عَنْ الْمَيِّتِ. وَهَذَا الْمَعْنَى فِي أَعْمَامِ الْمَيِّتِ أَقْوَى، فَيَكُونُونَ بِالْمَنْعِ مَعَ الْوَلَدِ أَحْرَى. الْفَائِدَةُ الثَّالِثَةُ: أَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ قَصَدَ تَرْتِيبَ الْأَفْرَادِ عَلَى الْأَفْرَادِ؛ لَا تَرْتِيبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute