للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّادِسُ: أَنَّ الْكَيْفِيَّةَ الْمُخْتَلِفَةَ مَدْلُولٌ عَلَيْهَا بِالْعَطْفِ، وَذَلِكَ لَا يُوجِبُ الِاسْتِقْلَالَ وَالِاخْتِصَاصَ بِمَا يُعْقِبُهَا، كَمَا لَوْ قَالَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي الذُّكُورِ وَالْإِنَاثِ، وَأَوْلَادِ بَنِيَّ، وَأَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِي: عَلَى أَنَّهُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ وَإِنَّمَا الْفَصْلُ الَّذِي يَقْطَعُ الثَّانِيَةَ عَنْ الْأُولَى أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ بِشَرْطٍ: مِثْلُ أَنْ يَقُولَ: وَقَفْت عَلَى أَوْلَادِي، عَلَى أَنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ، ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِي عَلَى أَنْ يَكُونُوا عُدُولًا. فَإِنَّ الشَّرْطَ الثَّانِيَ مُخْتَصٌّ عَمَّا قَبْلَهُ؛ لِكَوْنِ الْأَوَّلِ قَدْ عُقِّبَ بِشَرْطِهِ. وَالْفَصْلُ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ بِشَرْطٍ يَفْصِلُهُ عَنْ مُشَارَكَةِ الثَّانِي فِي جَمِيعِ أَحْكَامِهِ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الِاخْتِلَافُ مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ لَفْظِيٍّ.

السَّابِعُ: قَوْلُهُ: وَمَا ذَاكَ إلَّا لِاخْتِلَافِ الْأَحْكَامِ. قُلْنَا لَا نُسَلِّمُ؛ بَلْ إنَّمَا ذَاكَ لِأَجْلِ الْفُصُولِ اللَّفْظِيَّةِ الْمَانِعَةِ مِنْ الِاشْتِرَاكِ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ الْأَحْكَامِ لِلَّفْظِ. أَمَّا إذَا كَانَ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمَعْطُوفِ وَالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ لِمَعْنًى يَرْجِعُ إلَى لَفْظِ الْمَعْطُوفِ: فَهَذَا شَأْنُ كُلِّ مَعْطُوفٍ وَمَعْطُوفٍ عَلَيْهِ مِنْ جِنْسَيْنِ. وَفَرْقٌ بَيْنَ أَنْ يُفْصَلَ بَيْنَ الْجُمْلَتَيْنِ بِشَرْطٍ مَذْكُورٍ، وَبَيْنَ أَنْ يَكُونَ مَفْهُومُ لَفْظِ إحْدَى الْجُمْلَتَيْنِ غَيْرَ مَفْهُومِ الْأُخْرَى.

وَهَذَا بَيِّنٌ لِمَنْ تَدَبَّرَهُ. فَإِنْ قِيلَ: هُنَا مُرَجِّحٌ ثَانٍ، وَهُوَ أَنَّ جَعْلَهُ مُخْتَصٌّ بِالْجُمْلَةِ الْأَخِيرَةِ يُفِيدُ مَا لَمْ يَدُلَّ اللَّفْظُ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَنْعُ اشْتِرَاكِ النَّسْلِ فِي نَصِيبِ مَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ؛ فَإِنَّهُ لَوْلَا هَذَا الشَّرْطُ لَاشْتَرَكُوا فِي جَمِيعِ حَقِّهِمْ الْمُتَلَقَّى عَمَّنْ فَوْقَهُمْ، وَعَمَّنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ أَوْ غَيْرِ وَلَدٍ؛ بِخِلَافِ مَا إذَا عَادَ إلَى جَمِيعِ الْجُمَلِ؛ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُؤَكَّدًا فَقَطْ؛ فَإِنَّا كُنَّا نَجْعَلُ نَصِيبَ الْمَيِّتِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ لِطَبَقَتِهِ. قِيلَ عَنْهُ وُجُوهٌ:

أَحَدُهَا: أَنَّا قَدَّمْنَا أَنَّ هَذِهِ الْفَائِدَةَ بَاطِلَةٌ؛ فَإِنَّ الْعَاقِلَ لَا يَقُولُ: هَؤُلَاءِ أَعْلَاهُمْ وَأَسْفَلُهُمْ مُشْتَرِكُونَ فِي الْوَقْفِ، فَمَنْ مَاتَ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ اخْتَصَّ بِنَصِيبِهِ إخْوَتُهُ؛ دُونَ آبَائِهِ وَأَعْمَامِهِ وَمَنْ مَاتَ عَنْ وَلَدٍ لَمْ يَخْتَصَّ بِنَصِيبِهِ أَحَدٌ، لَا وَلَدُهُ وَلَا غَيْرُهُ؛ فَإِنَّ هَذَا لَمْ يَفْعَلْهُ أَحَدٌ، وَلَا يَفْعَلُهُ مَنْ يَسْتَحْضِرُهُ فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ [مَنْ يَقُولُ:] أَعْطُوا الْبَعِيدَ مِنِّي وَمِنْ الْمَيِّتِ، وَاحْرِمُوا الْقَرِيبَ مِنِّي وَمِنْ الْمَيِّتِ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ: يَقْصِدُ مِثْلَ هَذَا فِي الْعَادَاتِ. فَمَا عَلِمْنَا أَحَدًا قَصَدَ هَذَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>