يُوجِبُ أَنْ يَنْتَقِلَ نَصِيبُ مَنْ انْقَطَعَ نَسْلُهُ مِنْهُمْ إلَى الْإِخْوَةِ الْبَاقِينَ، وَهُوَ الْمَطْلُوبُ. وَأَيْضًا فَإِنَّهُ قَسَمَ حَالَ الْمُتَوَفَّى مِنْ الْأَرْبَعَةِ الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ إلَى حَالَيْنِ؛ إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ، أَوْ نَسْلٌ، وَعَقِبٌ، أَوْ لَا يَكُونُ. فَإِنْ كَانَ لَهُ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى الْوَلَدِ، ثُمَّ إلَى وَلَدِ الْوَلَدِ، ثُمَّ إلَى النَّسْلِ وَالْعَقِبِ؛ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ انْتَقَلَ إلَى الْإِخْوَةِ، ثُمَّ إلَى أَوْلَادِهِمْ. فَيَنْبَغِي أَنْ يَعُمَّ هَذَا الْقِسْمُ مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لِيَعُمَّ الْبَيَانُ جَمِيعَ الْأَحْوَالِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الظَّاهِرُ مِنْ حَالِ الْمُتَكَلِّمِ؛ وَلِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ لَزِمَ الْإِهْمَالُ وَالْإِلْغَاءُ وَإِبْطَالُ الْوَقْفِ عَلَى قَوْلٍ. وَدَلَالَةُ الْحَالِ تَنْفِي هَذَا الِاحْتِمَالَ. وَإِذَا عَمَّ مَا لَمْ يَدْخُلْ فِي الْقِسْمِ الْأَوَّلِ دَخَلَ فِيهِ مَنْ لَا وَلَدَ لَهُ وَمَنْ لَا وَلَدَ لِوَلَدِهِ وَمَنْ لَا عَقِبَ لَهُ. وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَأَيُّ هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَقِبٌ كَانَ نَصِيبُهُ لِإِخْوَتِهِ ثُمَّ لِعَقِبِهِ.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْوَاقِفَ قَدْ صَرَّحَ بِأَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ عَقِبٍ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ إلَى إخْوَتِهِ، ثُمَّ إلَى أَوْلَادِهِمْ. وَهَذَا الْمَقْصُودُ لَا يَخْتَلِفُ بَيْنَ أَنْ لَا يَخْلُفَ وَلَدًا أَوْ يَخْلُفَ وَلَدًا ثُمَّ يَخْلُفَ وَلَدُهُ وَلَدًا؛ فَإِنَّ الْعَاقِلَ لَا يَقْصِدُ الْفَرْقَ بَيْنَ هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الْمُتَمَاثِلَيْنِ قَدْ عُلِمَ بِمُطَّرَدِ الْعَادَةِ أَنَّ الْعَاقِلَ لَا يَقْصِدُهُ، فَيَجِبُ أَنْ لَا يُحْمَلَ كَلَامُهُ عَلَيْهِ؛ بَلْ يُحْمَلُ كَلَامُهُ عَلَى مَا دَلَّ عَلَيْهِ دَلَالَةَ الْحَالِ وَالْعُرْفِ الْمُطَّرَدِ إذَا لَمْ يَكُنْ فِي اللَّفْظِ مَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ. وَإِذَا كَانَ انْقِطَاعُ النَّسْلِ أَوَّلًا وَآخِرًا سَوَاءٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى الِانْتِقَالِ إلَى الْإِخْوَةِ وَجَبَ حَمْلُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ.
وَاعْلَمْ أَنَّ مَنْ أَمْعَنَ النَّظَرَ عَلِمَ قَطْعًا أَنَّ الْوَاقِفَ إنَّمَا قَصَدَ هَذَا بِدَلَالَةِ الْحَالِ وَاللَّفْظُ سَائِغٌ لَهُ، وَلَيْسَ فِي الْكَلَامِ وَجْهٌ مُمْكِنٌ هُوَ أَوْلَى مِنْهُ. فَيَجِبُ الْحَمْلُ عَلَيْهِ قَطْعًا.
وَأَيْضًا فَإِنَّ الْوَقْفَ يُرَادُ لِلتَّأْيِيدِ، فَيَجِبُ بَيَانُ حَالِ الْمُتَوَفَّى فِي جَمِيعِ الطَّبَقَاتِ، فَيَكُونُ قَوْلُهُ: وَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ، وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ. فِي قُوَّةِ قَوْلِهِ: وَمَنْ كَانَ مِنْهُمْ مَيِّتًا وَلَا عَقِبَ لَهُ؛ لِأَنَّ عَدَمَ نَسْلِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ بِمَنْزِلَةِ كَوْنِهِمْ مَعْدُومِينَ حَالَ مَوْتِهِ، فَلَا فَرْقَ فِي قَوْلِهِ هَذَا وَقَوْلِهِ: وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَا وَلَدَ لَهُ. وَقَوْلِهِ: وَمَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ. وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ وَإِنْ كَانَ قَدْ لَا يُفْهَمُ مِنْهَا إلَّا عَدَمُ الذُّرِّيَّةِ حِينَ الْمَوْتِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ؛ لَكِنَّ اللَّفْظَ سَائِغٌ؛ لِعَدَمِ الذُّرِّيَّةِ مُطْلَقًا؛ بِحَيْثُ لَوْ كَانَ الْمُتَكَلِّمُ قَالَ: قَدْ أَرَدْت هَذَا لَمْ يَكُنْ خَارِجًا عَنْ حَدِّ الْإِفْهَامِ. وَإِذَا كَانَ اللَّفْظُ سَائِغًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute