لَهُ، وَلَمْ يَتَنَاوَلْ صُورَةَ الْحَادِثَةِ إلَّا هَذَا اللَّفْظُ: وَجَبَ إدْرَاجُهَا تَحْتَهُ؛ لِأَنَّ الْأَمْرَ إذَا دَارَ بَيْنَ صُورَةٍ يُحْكَمُ فِيهَا بِمَا يَصْلُحُ لَهُ لَفْظُ الْوَاقِفِ وَدَلَالَةُ حَالِهِ وَعُرْفُ النَّاسِ كَانَ الْأَوَّلُ هُوَ الْوَاجِبَ بِلَا تَرَدُّدٍ.
إذَا تَقَرَّرَ هَذَا: فَعَمُّ جَدِّ عَيْنَاشَى هُوَ الْآنَ مُتَوَفًّى عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَلَا وَلَدِ وَلَدٍ وَلَا نَسْلٍ وَلَا عَقِبٍ فَيَكُونُ نَصِيبُهُ لِإِخْوَتِهِ الثَّلَاثَةِ عَلَى أَنْسَالِهِمْ وَأَعْقَابِهِمْ.
وَالْحَالُ الَّتِي انْقَطَعَ فِيهَا نَسْلُهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ إلَّا هَاتَانِ الْمَرْأَتَانِ، فَيَجِبُ أَنْ تَسْتَوِيَا فِي نَصِيبِ عَيْنَاشَى. وَهَكَذَا الْقَوْلُ فِي كُلِّ وَاحِدٍ انْقَطَعَ نَسْلُهُ؛ فَإِنَّ نَصِيبَهُ يَنْتَقِلُ إلَى ذُرِّيَّةِ إخْوَتِهِ إلَّا أَنْ يَبْقَى أَحَدٌ مِنْ ذُرِّيَّةِ أَبِيهِمْ الَّذِي انْتَقَلَ إلَيْهِ الْوَقْفُ مِنْهُ، أَوْ مِنْ ذُرِّيَّةِ أُمِّهِ الَّتِي انْتَقَلَ إلَيْهِ الْوَقْفُ مِنْهَا: فَيَكُونُ بَاقِي الذُّرِّيَّةِ هُمْ الْمُسْتَحِقِّينَ لِنَصِيبِ أُمِّهِمْ أَوْ أَبِيهِمْ؛ لِدُخُولِهِمْ فِي قَوْلِهِ: فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ أَوْ وَلَدِ وَلَدٍ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الْكَلَامَ إنْ لَمْ يُحْمَلْ عَلَى هَذَا كَانَ نَصِيبُ هَذَا وَقْفًا مُنْقَطِعَ الِانْتِهَاءِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ: فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ وَلَدٍ كَانَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ، ثُمَّ لِوَلَدِ وَلَدِهِ، ثُمَّ لِنَسْلِهِ وَعَقِبِهِ. وَلَمْ يُبَيِّنْ بَعْدَ انْقِرَاضِ النَّسْلِ إلَى مَنْ يَصِيرُ؛ لَكِنْ بَيَّنَ فِي آخِرِ الشَّرْطِ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِلُ إلَى الْأَسْرَى وَالْفُقَرَاءِ حَتَّى تَنْقَرِضَ ذُرِّيَّةُ الْأَرْبَعَةِ، فَيَكُونُ مَفْهُومُ هَذَا الْكَلَامِ صَرْفَهُ إلَى الذُّرِّيَّةِ. وَهَاتَانِ مِنْ الذُّرِّيَّةِ، وَهُمَا سَوَاءٌ فِي الدَّرَجَةِ، وَلَمْ يَبْقَ غَيْرُهُمَا: فَيَجِبُ أَنْ يَشْتَرِكَا فِيهِ وَلَيْسَ بَعْد هَذَيْنِ الِاحْتِمَالَيْنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ: وَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَائِدًا إلَى الْأَرْبَعَةِ وَذُرِّيَّتِهِمْ.
فَيُقَالُ حِينَئِذٍ: عَيْنَاشَى قَدْ تُوُفِّيَتْ عَنْ أُخْتٍ مِنْ أَبِيهَا، وَابْنَةِ عَمٍّ. فَيَكُونُ نَصِيبُهَا لِأُخْتِهَا. وَهَذَا الْحَمْلُ بَاطِلٌ قَطْعًا، لَا يَنْفُذُ حُكْمُ حَاكِمٍ إنْ حَكَمَ بِمُوجَبِهِ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ أَوَّلًا فِي قَوْلِهِ: فَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ. عَائِدٌ إلَى الْأَرْبَعَةِ. فَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ: وَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَائِدٌ ثَانِيًا إلَى هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ؛ لِأَنَّ الرَّجُلَ إذَا قَالَ: هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةُ مَنْ فَعَلَ مِنْهُمْ كَذَا فَافْعَلْ بِهِ كَذَا وَكَذَا، وَمَنْ فَعَلَ مِنْهُمْ كَذَا فَافْعَلْ لِوَلَدِهِ كَذَا. عُلِمَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّ الضَّمِيرَ الثَّانِيَ هُوَ الضَّمِيرُ الْأَوَّلُ. وَلِأَنَّهُ قَالَ: وَمَنْ تُوُفِّيَ مِنْهُمْ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ عَادَ نَصِيبُهُ إلَى إخْوَتِهِ الْبَاقِينَ.
وَهَذَا لَا يُقَالُ إلَّا فِيمَنْ لَهُ إخْوَةٌ تَبْقَى بَعْدَ مَوْتِهِ، وَإِنَّا نَعْلَمُ هَذَا فِي هَؤُلَاءِ الْأَرْبَعَةِ؛؛ لِأَنَّ الْوَاحِدَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِمْ قَدْ لَا يَكُونُ لَهُ إخْوَةٌ بَاقُونَ فَلَوْ أُرِيدَ ذَلِكَ الْمَعْنَى لَقِيلَ:
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute