أَنَّهُ يَكْرَهُهَا وَيَرَاهَا دُونَ النَّرْدِ وَلَا رَيْبَ أَنَّ كَرَاهَتَهُ كَرَاهَةُ تَحْرِيمٍ فَإِنَّهُ قَالَ لِلْخَبَرِ.
وَلَفْظُ الْخَبَرِ الَّذِي رَوَاهُ هُوَ عَنْ مَالِكٍ «مَنْ لَعِبَ بِالنَّرْدِ فَقَدْ عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ» . فَإِذًا كَرِهَ الشِّطْرَنْجَ وَإِنْ كَانَتْ أَخَفَّ مِنْ النَّرْدِ وَقَدْ نُقِلَ عَنْهُ أَنَّهُ تَوَقَّفَ فِي التَّحْرِيمِ وَقَالَ لَا يَتَبَيَّنُ لِي أَنَّهَا حَرَامٌ، وَمَا بَلَغَنَا أَنَّ أَحَدًا نَقَلَ عَنْهُ لَفْظًا يَقْتَضِي نَفْيَ التَّحْرِيمِ. وَالْأَئِمَّةُ الَّذِينَ لَمْ تَخْتَلِفْ أَصْحَابُهُمْ فِي تَحْرِيمِهَا أَكْثَرُ أَلْفَاظِهِمْ الْكَرَاهَةُ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَجْمَعَ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ اللَّعِبُ بِالنَّرْدِ، وَلَا بِالشِّطْرَنْجِ، وَقَالُوا: لَا تَجُوزُ شَهَادَةُ الْمُدْمِنِ الْمُوَاظِبِ عَلَى لَعِبِ الشِّطْرَنْجِ.
وَقَالَ يَحْيَى: سَمِعْت مَالِكًا يَقُولُ: لَا خَيْرَ فِي الشِّطْرَنْجِ وَغَيْرِهَا، وَسَمِعْته يَكْرَهُ اللَّعِبَ بِهَا وَبِغَيْرِهَا مِنْ الْبَاطِلِ، وَيَتْلُو هَذِهِ الْآيَةَ {فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلا الضَّلالُ} [يونس: ٣٢] .
وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: أَكْرَهُ اللَّعِبَ بِالشِّطْرَنْجِ وَالنَّرْدِ، فَالْأَرْبَعَةُ تُحَرِّمُ كُلَّ اللَّهْوِ. وَقَدْ تَنَازَعَ الْجُمْهُورُ فِي مَسْأَلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: هَلْ يُسَلَّمُ عَلَى اللَّاعِبِ بِالشِّطْرَنْجِ، فَمَنْصُوصُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَحْمَدَ وَالْمُعَافَى بْنِ عِمْرَانَ، وَغَيْرِهِمْ: أَنَّهُ لَا يُسَلَّمُ عَلَيْهِ، وَمَذْهَبُ مَالِكٍ، وَأَبِي يُوسُفَ، وَمُحَمَّدٍ: أَنَّهُ يُسَلَّمُ عَلَيْهِ، وَمَعَ هَذَا أَنَّ مَذْهَبَ مَالِكٍ أَنَّ الشِّطْرَنْجَ شَرٌّ مِنْ النَّرْدِ. وَمَذْهَبَ أَحْمَدَ: أَنَّ النَّرْدَ شَرٌّ مِنْ الشِّطْرَنْجِ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيُّ.
وَالتَّحْقِيقُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُمَا إذَا اشْتَمَلَا عَلَى عِوَضٍ، أَوْ خَلَوَا عَنْ عِوَضٍ فَالشِّطْرَنْجُ شَرٌّ مِنْ النَّرْدِ؛ لِأَنَّ مَفْسَدَةَ النَّرْدِ فِيهَا وَزِيَادَةً مِثْلَ صَدِّ الْقَلْبِ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ، وَعَنْ الصَّلَاةِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute