للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَقَالَ حَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ: حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إبْرَاهِيمَ يَعْنِي ابْنَ رَاهْوَيْهِ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ: أَدْرَكْت النَّاسَ مُنْذُ سَبْعِينَ سَنَةً، أَدْرَكْت أَصْحَابَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَمَنْ دُونَهُمْ يَقُولُونَ: اللَّهُ الْخَالِقُ، وَمَا سِوَاهُ مَخْلُوقٌ، إلَّا الْقُرْآنَ، فَإِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ، مِنْهُ خَرَجَ وَإِلَيْهِ يَعُودُ.

وَهَذَا قَدْ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ عُيَيْنَةَ إِسْحَاقَ، وَإِسْحَاقَ إمَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ سَمِعَهُ مِنْهُ أَوْ مِنْ بَعْضِ أَصْحَابِهِ عَنْهُ.

وَعَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ وَهُوَ مَشْهُورٌ عَنْهُ أَنَّهُمْ سَأَلُوهُ عَنْ الْقُرْآنِ أَخَالِقٌ هُوَ أَمْ مَخْلُوقٌ فَقَالَ: لَيْسَ بِخَالِقٍ وَلَا مَخْلُوقٍ، وَلَكِنَّهُ كَلَامُ اللَّهِ، وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ وَأَيُّوبَ السِّخْتِيَانِيُّ، وَسُلَيْمَانَ التَّيْمِيِّ وَخَلْقٍ مِنْ التَّابِعِينَ.

وَعَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَاللَّيْثِ بْنِ سَعْدٍ وَسُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَأَبِي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَإِسْحَاقَ بْنِ رَاهْوَيْهِ وَأَمْثَالِ هَؤُلَاءِ مِنْ الْأَئِمَّةِ، وَكَلَامُ هَؤُلَاءِ الْأَئِمَّةِ وَأَتْبَاعِهِمْ فِي كَثِيرٍ مَشْهُورٌ، بَلْ اشْتَهَرَ عَنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ تَكْفِيرُ مَنْ قَالَ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، وَأَنَّهُ يُسْتَتَابُ، فَإِنْ تَابَ وَإِلَّا قُتِلَ، كَمَا ذَكَرُوا ذَلِكَ عَنْ مَالِكِ بْنِ أَنَسٍ وَغَيْرِهِ.

وَلِذَلِكَ قَالَ الشَّافِعِيُّ لِحَفْصٍ الْفَرْدِ، وَكَانَ مِنْ أَصْحَابِ ضِرَارِ بْنِ عَمْرٍو مِمَّنْ يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، فَلَمَّا نَاظَرَ الشَّافِعِيَّ وَقَالَ لَهُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، قَالَ لَهُ الشَّافِعِيُّ كَفَرْت بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ، ذَكَرَهُ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ فِي الرَّدِّ عَلَى الْجَهْمِيَّةِ، قَالَ: كَانَ فِي كِتَابٍ عَنْ الرَّبِيعِ بْنِ سُلَيْمَانَ قَالَ حَضَرْت الشَّافِعِيَّ أَوْ حَدَّثَنِي أَبُو شُعَيْبٍ إلَّا أَنِّي أَعْلَمُ حَضَرَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَيُوسُفُ بْنُ عَمْرِو بْنِ يَزِيدَ، فَسَأَلَ حَفْصٌ: عَبْدَ اللَّهِ قَالَ: مَا تَقُولُ فِي الْقُرْآنِ؟ فَأَبَى أَنْ يُجِيبَهُ، فَسَأَلَ، يُوسُفَ بْنَ عَمْرٍو فَلَمْ يُجِبْهُ، وَكِلَاهُمَا أَشَارَ إلَى الشَّافِعِيِّ فَسَأَلَ الشَّافِعِيَّ، فَاحْتَجَّ عَلَيْهِ وَطَالَتْ فِيهِ الْمُنَاظَرَةُ، فَقَالَ الشَّافِعِيُّ بِالْحُجَّةِ، بِأَنَّ الْقُرْآنَ كَلَامُ اللَّهِ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَكَفَّرَ حَفْصًا الْفَرْدَ، قَالَ الرَّبِيعُ: فَلَقِيت حَفْصًا فِي الْمَسْجِدِ بَعْدَ هَذَا فَقَالَ: أَرَادَ الشَّافِعِيُّ قَتْلِي.

وَأَمَّا مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ فَنُقِلَ عَنْهُ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ الرَّدُّ عَلَى مَنْ يَقُولُ الْقُرْآنُ مَخْلُوقٌ، وَاسْتَتَابَهُ، وَهَذَا الْمَشْهُورُ عَنْهُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ بَيْنَ أَصْحَابِهِ.

وَأَمَّا أَبُو حَنِيفَةَ وَأَصْحَابُهُ فَقَدْ ذَكَرَ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ فِي الِاعْتِقَادِ الَّذِي قَالَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>