للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إيَّاهَا، فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدْ اللَّهَ، وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إلَّا نَفْسَهُ» .

وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «يَقُولُ اللَّهُ مَنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ شِبْرًا تَقَرَّبْت مِنْهُ ذِرَاعًا، وَمَنْ تَقَرَّبَ إلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْت مِنْهُ بَاعَا؛ وَمَنْ أَتَانِي يَمْشِ أَتَيْته هَرْوَلَةً» .

وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ: «أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي وَأَنَا مَعَهُ إذَا ذَكَرَنِي» .

وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى كُلُّ نِعْمَةٍ مِنْهُ فَضْلٌ، وَكُلُّ نِقْمَةٍ مِنْهُ عَدْلٌ، وَقَدْ ثَبَتَ مِنْ حِكْمَتِهِ وَرَحْمَتِهِ وَعَدْلِهِ مَا يُبْهِرُ الْعُقُولَ، لِأَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ تَتَعَلَّقُ بِأُصُولٍ كِبَارٍ مِنْ مَسَائِلِ الْقَدَرِ وَالْأَمْرِ وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، وَالْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، قَدْ بُسِطَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا فِي غَيْرِ هَذَا الْمَوْضِعِ.

وَالْمَقْصُودُ هُنَا الْكَلَامُ عَلَى مَا ذُكِرَ مِنْ هَؤُلَاءِ الشُّيُوخِ، فَقَوْلُ الْقَائِلِ: " لَا تُطَمِّعُهُمْ فِي الْوُصُولِ فَيَسْتَرِيحُونَ؛ وَلَا تُؤَيِّسُهُمْ عَنْ الطَّلَبِ فَيَسْتَرِيحُونَ " هِيَ حَالٌ عَارِضٌ لِشَخْصٍ قَدْ تَعَلَّقَتْ هِمَّتُهُ بِمَطْلُوبٍ مُعَيَّنٍ.

وَهُوَ يَتَرَدَّدُ فِيهِ بَيْنَ الْيَأْسِ وَالطَّمَعِ، وَهَذَا حَالٌ مَذْمُومٌ؛ لِأَنَّ الْعَبْدَ لَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْتَرِحَ عَلَى اللَّهِ شَيْئًا مُعَيَّنًا، بَلْ تَكُونُ هِمَّتُهُ فِعْلُ الْمَأْمُورِ، وَتَرْكُ الْمَحْظُورِ، وَالصَّبْرُ عَلَى الْمَقْدُورِ، فَمَتَى أُعِينَ عَلَى هَذِهِ الثَّلَاثَةِ جَاءَتْ بَعْدَ ذَلِكَ مِنْ الْمَطَالِبِ مَا لَا عَيْنٌ رَأَتْ، وَلَا أُذُنٌ سَمِعَتْ، وَلَا خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ، وَلَوْ تَعَلَّقَتْ هِمَّتُهُ بِمَطْلُوبٍ فَدَعَا اللَّهَ بِهِ، فَإِنَّ اللَّهَ يُعْطِيهِ إحْدَى خِصَالٍ ثَلَاثَ: إمَّا أَنْ يُعَجِّلَ لَهُ دَعْوَتَهُ.

وَإِمَّا أَنْ يَدَّخِرَ لَهُ مِنْ الْخَيْرِ مِثْلَهَا، وَإِمَّا أَنْ يَصْرِفَ عَنْهُ مِنْ الشَّرّ مِثْلَهَا.

<<  <  ج: ص:  >  >>