قَوْله تَعَالَى: {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ جِبَالٍ فِيهَا مِنْ بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَصْرِفُهُ عَنْ مَنْ يَشَاءُ يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالأَبْصَارِ} [النور: ٤٣] {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَعِبْرَةً لأُولِي الأَبْصَارِ} [النور: ٤٤] .
وَإِزْجَاءُ السَّحَابِ سَوْقُهُ، وَالْوَدْقُ: الْمَطَرُ، فَقَدْ بَيَّنَ سُبْحَانَهُ خَلْقَهُ لِلْمَطَرِ وَإِنْزَالَهُ عَلَى الْأَرْضِ فَإِنَّهُ سَبَبُ الْحَيَاةِ فِي الْأَرْضِ، فَإِنَّهُ سُبْحَانَهُ جَعَلَ مِنْ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ.
ثُمَّ قَالَ: {يُقَلِّبُ اللَّهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ} [النور: ٤٤] إذْ تَقْلِيبُهُ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ تَحْوِيلُ أَحْوَالِ الْعَالَمِ بِإِنْزَالِ الْمَطَرِ الَّذِي هُوَ سَبَبُ خَلْقِ النَّبَاتِ وَالْحَيَوَانِ وَالْمَعْدِنِ، وَذَلِكَ سَبَبُ تَحْوِيلِ النَّاسِ مِنْ حَالٍ إلَى حَالٍ الْمُتَضَمِّنُ رَفْعَ قَوْمٍ وَخَفْضَ آخَرِينَ.
وَقَدْ أَخْبَرَ سُبْحَانَهُ بِخَلْقِهِ الزَّمَانَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ كَقَوْلِهِ {وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ} [الأنعام: ١] .
وَقَوْلِهِ: {وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ} [الأنبياء: ٣٣] .
وَقَوْلِهِ: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا} [الفرقان: ٦٢] .
وَقَوْلِهِ: {إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لأُولِي الأَلْبَابِ} [آل عمران: ١٩٠] .
وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ النُّصُوصِ الَّتِي تُبَيِّنُ أَنَّهُ خَالِقُ الزَّمَانِ. وَلَا يَتَوَهَّمُ عَاقِلٌ أَنَّ اللَّهَ هُوَ الزَّمَانُ، فَإِنَّ الزَّمَانَ مِقْدَارُ الْحَرَكَةِ، وَالْحَرَكَةُ مِقْدَارُهَا مِنْ بَابِ الْأَعْرَاضِ وَالصِّفَاتِ الْقَائِمَةِ بِغَيْرِهَا كَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ، وَالسَّوَادِ وَالْبَيَاضِ، وَلَا يَقُولُ عَاقِلٌ إنَّ خَالِقَ الْعَالَمِ هُوَ مِنْ بَابِ الْأَعْرَاضِ وَالصِّفَاتِ الْمُفْتَقِرَةِ إلَى الْجَوَاهِرِ وَالْأَعْيَانِ فَإِنَّ الْأَعْرَاضَ لَا تَقُومُ بِنَفْسِهَا، بَلْ هِيَ مُفْتَقِرَةٌ إلَى مَحَلٍّ تَقُومُ بِهِ، وَالْمُفْتَقِرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute