الْمَرُّوذِيُّ، حُكْمُ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ الَّتِي قَدْ بُنِيَتْ فِي الطَّرِيقِ أَنْ تُهْدَمَ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى الْكَحَّالُ: قُلْتُ لِأَحْمَدَ: الرَّجُلُ يَزِيدُ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ الطَّرِيقِ؟ قَالَ: لَا يُصَلَّى فِيهِ.
وَمَنْ لَمْ يُثْبِتْ رِوَايَةً ثَالِثَةً فَإِنَّهُ يَقُولُ هَذَا إشَارَةً مِنْ أَحْمَدَ إلَى مَسَاجِدَ ضَيَّقَتْ الطَّرِيقَ وَأَضَرَّتْ بِالْمُسْلِمِينَ، وَهَذِهِ لَا يَجُوزُ بِنَاؤُهَا بِلَا رَيْبٍ.
فَإِنَّ فِي هَذَا جَمْعًا بَيْنَ نُصُوصِهِ، فَهُوَ أَوْلَى مِنْ التَّنَاقُضِ بَيْنَهَا، وَأَبْلَغُ مِنْ ذَلِكَ أَنْ أَحْمَدَ يُجَوِّزُ إبْدَالَ الْمَسْجِدِ بِغَيْرِهِ، لِلْمَصْلَحَةِ كَمَا فَعَلَ ذَلِكَ الصَّحَابَةُ.
قَالَ صَالِحُ بْنُ أَحْمَدَ: قُلْت لِأَبِي: الْمَسْجِدُ يَخْرُبُ وَيَذْهَبُ أَهْلُهُ تَرَى أَنْ يُحَوَّلَ إلَى مَكَان آخَرَ؟ قَالَ إذَا كَانَ يُرِيدُ مَنْفَعَةَ النَّاسِ فَنَعَمْ، وَإِلَّا فَلَا.
قَالَ: وَابْنُ مَسْعُودٍ قَدْ حَوَّلَ الْجَامِعَ الْمَسْجِدَ مِنْ التَّمَارِينِ، فَإِذَا كَانَ عَلَى الْمَنْفَعَةِ فَلَا بَأْسَ، وَإِلَّا فَلَا، وَقَدْ سَأَلْتُ أَبِي: عَنْ رَجُلٍ بَنَى مَسْجِدًا، ثُمَّ أَرَادَ تَحْوِيلَهُ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ، قَالَ: إنْ كَانَ الَّذِي بَنَى الْمَسْجِدَ يُرِيدُ أَنْ يُحَوِّلَهُ خَوْفًا مِنْ لُصُوصٍ، أَوْ يَكُونُ مَوْضِعُهُ مَوْضِعًا قَذِرًا فَلَا بَأْسَ.
قَالَ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ، ثنا الْمَسْعُودِيُّ، عَنْ الْقَاسِمِ قَالَ: لَمَّا قَدِمَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ إلَى بَيْتِ الْمَالِ، كَانَ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ قَدْ بَنَى الْقَصْرَ، وَاِتَّخَذَ مَسْجِدًا عِنْدَ أَصْحَابِ النَّمِرِ، قَالَ فَنُقِبَ بَيْتُ الْمَالِ فَأَخَذَ الرَّجُلَ الَّذِي نَقَبَهُ، فَكَتَبَ فِيهِ إلَى عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، فَكَتَبَ عُمَرُ: أَنْ اقْطَعْ الرَّجُلَ، وَانْقُلْ الْمَسْجِدَ، وَاجْعَلْ بَيْتَ الْمَالِ فِي قِبْلَةِ الْمَسْجِدِ، فَإِنَّهُ لَا يَزَالُ فِي الْمَسْجِدِ مُصَلٍّ. فَنَقَلَهُ عَبْدُ اللَّهِ فَخَطَّ لَهُ هَذِهِ الْخُطَّةَ.
قَالَ صَالِحٌ: قَالَ أَبِيٌّ: يُقَالُ إنَّ بَيْتَ الْمَالِ نُقِبَ فِي مَسْجِدِ الْكُوفَةِ فَحَوَّلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ الْمَسْجِدَ مَوْضِعَ التَّأْذِينِ الْيَوْمَ فِي مَوْضِعِ الْمَسْجِدِ الْعَتِيقِ؛ يَعْنِي أَحْمَدُ أَنَّ الْمَسْجِدَ الَّذِي بَنَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ كَانَ مَوْضِعَ التَّأْذِينِ فِي زَمَانِ أَحْمَدَ، وَهَذَا الْمَسْجِدُ هُوَ الْمَسْجِدُ الْعَتِيقُ، ثُمَّ غُيِّرَ مَسْجِدُ الْكُوفَةِ مَرَّةً ثَالِثَةً.
وَقَالَ أَبُو الْخَطَّابِ: سُئِلَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُحَوَّلُ الْمَسْجِدُ؟ قَالَ: إذَا كَانَ ضَيِّقًا لَا يَسَعُ أَهْلَهُ فَلَا بَأْسَ أَنْ يُحَوَّلَ إلَى مَوْضِعٍ أَوْسَعَ مِنْهُ.
وَجَوَّزَ أَحْمَدُ أَنْ يُرْفَعَ الْمَسْجِدُ الَّذِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute