للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هَذَا الْمُتَعَدِّي عَلَيْهِ وَيَتَزَوَّجَهَا بِرِضَاهَا فَلَهُ ذَلِكَ، وَإِنْ شَاءَ أَنْ يُمْضِيَ نِكَاحَهُ فَلَهُ ذَلِكَ، وَهُوَ إذَا اخْتَارَ فَسْخَ نِكَاحِهِ عَادَ الْأَمْرُ إلَى مَا كَانَ فَإِنْ شَاءَتْ نَكَحَتْهُ، وَإِنْ شَاءَتْ لَمْ تَنْكِحْهُ، إذْ مَقْصُودُهُ حَصَلَ بِفَسْخِ نِكَاحِ الْخَاطِبِ، وَإِذَا قَالَ: هُوَ غَيَّرَ قَلْبَ الْمَرْأَةِ عَلَيَّ، قِيلَ: إنْ شِئْت عَاقَبْنَاهُ عَلَى هَذَا بِأَنْ نَمْنَعَهُ مِنْ نِكَاحِهَا فَيَكُونُ هَذَا قِصَاصًا لِظُلْمِهِ إيَّاكَ، وَإِنْ شِئْتَ عَفَوْتَ عَنْهُ فَأَنْفَذْنَا نِكَاحَهُ.

وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ فِي الدَّارِ الْمَغْصُوبَةِ، وَالذَّبْحُ بِآلَةٍ مَغْصُوبَةٍ، وَطَبْخُ الطَّعَامِ بِحَطَبٍ مَغْصُوبٍ، وَتَسْخِينُ الْمَاءِ بِحَطَبٍ مَغْصُوبٍ، كُلُّ هَذَا إنَّمَا حُرِّمَ لِمَا فِيهِ مِنْ ظُلْمِ الْإِنْسَانِ.

وَذَلِكَ يَزُولُ بِإِعْطَاءِ الْمَظْلُومِ حَقَّهُ فَإِذَا أَعْطَاهُ بَدَلَ مَا أَخَذَهُ مِنْ مَنْفَعَةِ مَالِهِ أَوْ مِنْ أَعْيَانِ مَالِهِ فَأَعْطَاهُ كِرَاءَ الدَّارِ وَثَمَنَ الْحَطَبِ وَتَابَ هُوَ إلَى اللَّهِ مِنْ فِعْلِ مَا نَهَاهُ عَنْهُ فَقَدْ بَرِئَ مِنْ حَقِّ اللَّهِ وَحَقِّ الْعَبْدِ وَصَارَتْ صَلَاتُهُ كَالصَّلَاةِ فِي مَكَان مُبَاحٍ، وَالطَّعَامِ بِوُقُودٍ مُبَاحٍ، وَالذَّبْحِ بِسِكِّينٍ مُبَاحَةٍ.

وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ كَانَ لِصَاحِبِ السِّكِّينِ أُجْرَةُ ذَبْحِهِ وَلَا تَحْرُمُ الشَّاةُ كُلُّهَا، وَكَانَ لِصَاحِبِ الدَّارِ أُجْرَةُ دَارِهِ لَا تُحْبَطُ صَلَاتُهُ كُلُّهَا لِأَجْلِ هَذِهِ الشُّبْهَةِ، وَهَذَا إذَا أَكَلَ الطَّعَامَ وَلَمْ يُوَفِّهِ ثَمَنَهُ كَانَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ أَخَذَ طَعَامًا لِغَيْرِهِ فِيهِ شَرِكَةٌ لَيْسَ فِعْلُهُ حَرَامًا، وَلَا هُوَ حَلَالًا مَحْضًا فَإِنَّ نَضْجَ الطَّعَامِ لِصَاحِبِ الْوُقُودِ فِيهِ شَرِكَةٌ، وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ يَبْقَى عَلَيْهِ اسْمُ الظُّلْمِ يَنْقُصُ مِنْ صَلَاتِهِ بِقَدْرِهِ فَلَا تَبْرَأُ ذِمَّتُهُ كَبَرَاءَةِ مَنْ صَلَّى صَلَاةً تَامَّةً وَلَا يُعَاقَبُ كَعُقُوبَةِ مَنْ لَمْ يُصَلِّ بَلْ يُعَاقَبُ عَلَى قَدْرِ ذَنْبِهِ، وَكَذَلِكَ آكِلُ الطَّعَامِ يُعَاقَبُ عَلَى قَدْرِ ذَنْبِهِ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ} [الزلزلة: ٧] {وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة: ٨] .

وَإِنَّمَا قِيلَ فِي الصَّلَاةِ فِي الثَّوْبِ النَّجِسِ، وَبِالْمَكَانِ كَذَلِكَ: بِالْإِعَادَةِ بِخِلَافِ هَذَا لِأَنَّهُ هُنَاكَ لَا سَبِيلَ لَهُ إلَى بَرَاءَةِ ذِمَّتِهِ إلَّا بِالْإِعَادَةِ، وَهُنَا يُمْكِنُهُ ذَاكَ بِإِرْضَائِهِ الْمَظْلُومَ وَلَكِنَّ الصَّلَاةَ فِي الثَّوْبِ الْحَرِيرِ هِيَ مِنْ ذَلِكَ الْقِسْمِ، الْحَقُّ فِيهَا لِلَّهِ، لَكِنْ نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ فِي الصَّلَاةِ وَغَيْرِ الصَّلَاةِ، وَلَمْ يُنْهَ عَنْهُ فِي الصَّلَاةِ فَقَطْ، فَقَدْ تَنَازَعَ الْفُقَهَاءُ فِي مِثْلِ هَذَا، فَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: النَّهْيُ هُنَا لِمَعْنًى فِي غَيْرِ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ.

وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>