للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَوْلِ نُوحٍ: {رَبِّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ أَسْأَلَكَ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ} [هود: ٤٧] وَقَوْلِ مُوسَى: {رَبِّ إِنِّي ظَلَمْتُ نَفْسِي فَاغْفِرْ لِي} [القصص: ١٦] وَقَوْلِ الْخَلِيلِ: {رَبَّنَا إِنِّي أَسْكَنْتُ مِنْ ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِنْدَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُوا الصَّلاةَ} [إبراهيم: ٣٧] الْآيَةَ وَقَوْلِهِ مَعَ إسْمَاعِيلَ: {رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} [البقرة: ١٢٧] وَكَذَلِكَ قَوْلُ الَّذِينَ قَالُوا: {رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [البقرة: ٢٠١] وَمِثْلُ هَذَا كَثِيرٌ.

وَقَدْ نُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ قَالَ: أَكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُولَ فِي دُعَائِهِ: يَا سَيِّدِي، يَا سَيِّدِي، يَا حَنَّانُ، يَا حَنَّانُ، وَلَكِنْ يَدْعُو بِمَا دَعَتْ بِهِ الْأَنْبِيَاءُ؛ رَبَّنَا، رَبَّنَا، نَقَلَهُ عَنْهُ الْعُتْبِيُّ فِي الْعُتْبِيَّةِ.

وَقَالَ تَعَالَى: عَنْ أُولِي الْأَلْبَابِ: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ} [آل عمران: ١٩١] الْآيَاتِ.

فَإِذَا سَبَقَ إلَى قَلْبِ الْعَبْدِ قَصْدُ السُّؤَالِ نَاسَبَ أَنْ يَسْأَلَهُ بِاسْمِهِ الرَّبِّ.

وَأَنْ يَسْأَلَهُ بِاسْمِهِ اللَّهِ لِتَضَمُّنِهِ اسْمَ الرَّبِّ كَانَ حَسَنًا، وَأَمَّا إذَا سَبَقَ إلَى قَلْبِهِ قَصْدُ الْعِبَادَةِ فَاسْمُ اللَّهِ أَوْلَى بِذَلِكَ.

إذَا بَدَأَ بِالثَّنَاءِ ذَكَرَ اسْمَ اللَّهِ، وَإِذَا قَصَدَ الدُّعَاءَ دَعَا الرَّبَّ، وَلِهَذَا قَالَ يُونُسُ: {لا إِلَهَ إِلا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ} [الأنبياء: ٨٧] وَقَالَ آدَم: {رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ} [الأعراف: ٢٣] فَإِنَّ يُونُسَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - ذَهَبَ مُغَاضِبًا، وَقَالَ تَعَالَى: {فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تَكُنْ كَصَاحِبِ الْحُوتِ} [القلم: ٤٨] قَالَ تَعَالَى: {فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَهُوَ مُلِيمٌ} [الصافات: ١٤٢] فَفَعَلَ مَا يُلَامُ عَلَيْهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>