للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى أَنَّهُ كَرِهَهُ لِأَكْلِهَا فَقَطْ وَهُوَ أَوْلَى وَلَا فَرْقَ فِي الْكَرَاهَةِ بَيْنَ جَوَارِحِ الطَّيْرِ وَغَيْرِهَا، وَسَوَاءٌ كَانَ يَأْكُلُ الْجِيَفَ أَمْ لَا.

وَإِذَا شَكَّ فِي الرَّوْثَةِ هَلْ هِيَ مِنْ رَوْثِ مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ أَوْ لَا، فِيهِ وَجْهَانِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ، مَبْنِيَّانِ عَلَى أَنَّ الْأَصْلَ فِي الْأَرْوَاثِ الطَّهَارَةُ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ، وَهُوَ الصَّوَابُ أَوْ النَّجَاسَةِ إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ.

قُلْت: وَالْوَجْهَانِ يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ أَصْلُهُمَا رِوَايَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: قَالَ عَبْدُ اللَّهِ إنَّ الْأَبْوَالَ كُلَّهَا نَجِسَةٌ إلَّا مَا أُكِلَ لَحْمُهُ.

وَالثَّانِيَةُ: قَالَ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي الْحَارِثِ فِي رَجُلٍ وَطِئَ عَلَى رَوْثٍ لَا يَدْرِي هَلْ هُوَ رَوْثُ جِمَالٍ أَوْ بِرْذَوْنٍ، فَرَخَّصَ فِيهِ إذْ لَمْ يَعْرِفْهُ، وَبَوْلُ مَا أُكِلَ لَحْمُهُ وَرَوْثُهُ طَاهِرٌ، لَمْ يَذْهَبْ أَحَدٌ مِنْ الصَّحَابَةِ إلَى تَنَجُّسِهِ بَلْ الْقَوْلُ بِنَجَاسَتِهِ قَوْلٌ مُحْدَثٌ لَا سَلَفَ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ، وَرَوْثُ دُودِ الْقَزِّ طَاهِرٌ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ، وَدُودِ الْجُرُوحِ.

وَمَنِيُّ الْآدَمِيِّ طَاهِرٌ، وَهُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ أَحْمَدَ، وَالشَّافِعِيِّ. وَبَوْلُ الْهِرَّةِ وَمَا دُونَهَا فِي الْخِلْقَةِ طَاهِرٌ؛ يَعْنِي أَنَّ جِنْسَهُ طَاهِرٌ، وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يَكُونُ نَجَسَ الْعَيْنِ: كَالدُّودِ الْمُتَوَلِّدِ مِنْ الْعَذِرَةِ فَإِنَّهُ نَجَسٌ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي، وَتَتَخَرَّجُ طَهَارَتُهُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الِاسْتِحَالَةَ إذَا كَانَتْ بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى طَهُرَتْ، وَلَا بُدَّ أَنْ يُلْحَظَ طَهَارَةٌ ظَاهِرَةٌ مِنْ الْعَذِرَةِ بِأَنْ يُغْمَسَ فِي مَاءٍ وَنَحْوِهِ إلَى أَنْ لَا يَكُونَ عَلَى بَدَنِهِ شَيْءٌ مِنْهَا، وَيَطْهُرُ جِلْدُ الْمَيْتَةِ الطَّاهِرَةِ حَالَ الْحَيَاةِ بِالدَّبَّاغِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ أَيْضًا.

وَلَا يَجِبُ غَسْلُ الثَّوْبِ وَالْبَدَنِ مِنْ الْمَذْيِ، وَالْقَيْحِ، وَالصَّدِيدِ، وَلَمْ يَقُمْ دَلِيلٌ عَلَى نَجَاسَتِهِ، وَحَكَى أَبُو الْبَرَكَاتِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ طَهَارَتَهُ، وَالْأَقْوَى فِي الْمَذْيِ: أَنَّهُ يُجْزِئُ فِيهِ النَّضْحُ، وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَيَدُ الصَّبِيِّ إذَا أَدْخَلَهَا فِي الْإِنَاءِ فَإِنَّهُ يُكْرَهُ اسْتِعْمَالُ الْمَاءِ الَّذِي فِيهِ، وَكَذَلِكَ تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي ثَوْبِهِ وَقَدْ سُئِلَ أَحْمَدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ عَنْ الصَّلَاةِ فِي ثَوْبِ الصَّبِيِّ فَكَرِهَهُ.

وَقَرْنُ الْمَيْتَةِ، وَعَظْمُهَا، وَظَهْرُهَا، وَمَا هُوَ مِنْ جِنْسِهِ: كَالْحَافِرِ وَنَحْوِهِ طَاهِرٌ، وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، وَيَجُوزُ الِانْتِفَاعُ بِالنَّجَاسَاتِ وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ شَحْمُ الْمَيْتَةِ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ، وَأَوْمَأَ إلَيْهِ، وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ.

وَيُعْفَى عَنْ يَسِيرِ النَّجَاسَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>