إلَى الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ وَالْقَصَصِ، كَمَا لَا يَسْتَغْنِي مَنْ مَلَكَ نَوْعًا شَرِيفًا مِنْ الْمَالِ عَنْ غَيْرِهِ، وَيَحْسُنُ تَرْجَمَةُ الْقُرْآنِ لِمَنْ يَحْتَاجُ إلَى تَفْهِيمِهِ إيَّاهُ بِالتَّرْجَمَةِ.
قُلْت: وَذَكَرَ غَيْرُهُ هَذَا الْمَعْنَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ قَرَأَ الْقُرْآنَ فَأَعْرَبَهُ فَلَهُ بِكُلِّ حَرْفٍ عَشْرُ حَسَنَاتٍ» رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ.
الْمُرَادُ بِالْحَرْفِ الْكَلِمَةُ وَوُقُوفُ الْقَارِئِ عَلَى رُءُوسِ الْآيَاتِ سُنَّةٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْآيَةُ الثَّانِيَةُ مُتَعَلِّقَةً بِالْأُولَى تَعَلُّقَ الصِّفَةِ بِالْمَوْصُوفِ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، وَالْقِرَاءَةُ الْقَلِيلَةُ بِتَفَكُّرٍ أَفْضَلُ مِنْ الْكَثِيرَةِ بِلَا تَفَكُّرٍ وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ الصَّحَابَةِ صَرِيحًا.
وَنُقِلَ عَنْ أَحْمَدَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ نَقَلَ عَنْهُ مُثَنَّى بْنِ جَامِعٍ رَجُلٌ أَكَلَ فَشَبِعَ، وَأَكْثَرَ الصَّلَاةَ وَالصِّيَامَ، وَرَجُلُ أَقَلَّ الْأَكْلَ، فَقَلَّتْ نَوَافِلُهُ وَكَانَ أَكْثَرَ فِكْرًا، أَيُّهُمَا أَفْضَلُ؟ فَذَكَرَ مَا جَاءَ فِي الْفِكْرِ «تَفَكُّرُ سَاعَةٍ خَيْرٌ مِنْ قِيَامِ لَيْلَةٍ» قَالَ: فَرَأَيْت هَذَا عِنْدَهُ أَفْضَلَ لِلْفِكْرِ وَمَا خَالَفَ الْمُصْحَفَ، وَصَحَّ سَنَدُهُ، صَحَّتْ الصَّلَاةُ بِهِ.
وَهَذَا نَصُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَمُصْحَفُ عُثْمَانَ أَحَدُ الْحُرُوفِ السَّبْعَةِ، وَقَالَهُ عَامَّةُ السَّلَفِ وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ.
وَيُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ مَعَ إمَامِهِ {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} [الفاتحة: ٥] وَنَحْوَهُ.
وَقِرَاءَةُ الْمَأْمُومِ خَلْفَ الْإِمَامِ أُصُولُ الْأَقْوَالِ فِيهَا ثَلَاثَةٌ طَرَفَانِ وَوَسَطٌ فَأَحَدُ الطَّرَفَيْنِ لَا يَقْرَأُ بِحَالٍ، وَالثَّانِي يَقْرَأُ بِكُلِّ حَالٍ، وَالثَّالِثُ وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ السَّلَفِ إذَا سَمِعَ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ أَنْصَتَ وَإِذَا لَمْ يَسْمَعْ قَرَأَ بِنَفْسِهِ فَإِنَّ قِرَاءَتَهُ أَفْضَلُ مِنْ سُكُوتِهِ، وَالِاسْتِمَاعُ لِقِرَاءَةِ الْإِمَامِ أَفْضَلُ مِنْ السُّكُوتِ.
وَعَلَى هَذَا فَهَلْ الْقِرَاءَةُ حَالَ مُخَافَتَةِ الْإِمَامِ وَاجِبَةٌ عَلَى الْمَأْمُومِ، أَوْ مُسْتَحَبَّةٌ عَلَى قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ أَشْهُرُهُمَا أَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ، وَلَا يَقْرَأُ حَالَ تَنَفُّسِ إمَامِهِ، وَإِذَا سَمِعَ هَمْهَمَةَ الْإِمَامِ، وَلَمْ يَفْهَمْ قِرَاءَتَهُ قَرَأَ لِنَفْسِهِ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute