للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي " الصَّارِمِ الْمَسْلُولِ ": خَبَرُ التَّفْضِيلِ فِي الْمَعْذُورِ الَّذِي تُبَاحُ لَهُ الصَّلَاةُ وَحْدَهُ، لِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «صَلَاةُ الرَّجُلِ قَاعِدًا عَلَى النِّصْفِ وَمُضْطَجِعًا عَلَى النِّصْفِ» فَإِنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْمَعْذُورُ كَمَا فِي الْخَبَرِ أَنَّهُ خَرَجَ عَلَى أَصْحَابِهِ وَقَدْ أَصَابَهُمْ وَعْكٌ وَهُمْ يُصَلُّونَ قُعُودًا، فَقَالَ ذَلِكَ، وَذَكَرَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ، أَنَّ «مَنْ صَلَّى قَاعِدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ لَهُ أَجْرُ الْقَائِمِ» .

وَالْجَمَاعَةُ شَرْطٌ لِلصَّلَاةِ الْمَكْتُوبَةِ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهَا ابْنُ أَبِي مُوسَى، وَأَبُو الْوَفَاءِ بْنُ عَقِيلٍ، وَلَوْ لَمْ يُمْكِنْهُ الذَّهَابُ إلَّا بِمَشْيِهِ فِي مِلْكِ غَيْرِهِ فَعَلَ، فَإِذَا صَلَّى وَحْدَهُ لِغَيْرِ عُذْرٍ لَمْ تَصِحَّ صَلَاتُهُ، وَفِي " الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ ": وَإِذَا قُلْنَا هِيَ وَاجِبَةٌ عَلَى الْأَعْيَانِ، وَهُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ مِنْ أَئِمَّةِ السَّلَفِ، وَفِيهَا الْحَدِيثُ، فَهَؤُلَاءِ تَنَازَعُوا فِيمَا إذَا صَلَّى مُنْفَرِدًا لِغَيْرِ عُذْرٍ هَلْ تَصِحُّ صَلَاتُهُ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ: أَحَدُهُمَا: لَا تَصِحُّ، وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنْ قُدَمَاءِ أَصْحَابِ أَحْمَدَ ذَكَرَهُ الْقَاضِي فِي " شَرْحِ الْمُذْهَبِ " عَنْهُمْ. وَالثَّانِي: تَصِحُّ مَعَ إثْمِهِ بِالتَّرْكِ وَهُوَ الْمَأْثُورُ عَنْ أَحْمَدَ، وَقَوْلُ أَكْثَرِ أَصْحَابِهِ.

وَلَيْسَ لِلْإِمَامِ إعَادَةُ الصَّلَاةِ مَرَّتَيْنِ، وَلَوْ جَعَلَ الثَّانِيَةَ فَائِتَةً أَوْ غَيْرَهَا، وَالْأَئِمَّةُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّهُ بِدْعَةٌ مَكْرُوهَةٌ، وَفِي " الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ ": وَإِذَا صَلَّى الْإِمَامُ بِطَائِفَةٍ ثُمَّ صَلَّى بِطَائِفَةٍ أُخْرَى تِلْكَ الصَّلَاةَ بِعَيْنِهَا لِعُذْرٍ جَازَ ذَلِكَ لِلْعُذْرِ، مِثْلُ: صَلَاةِ الْخَوْفِ وَنَحْوِهَا، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ لِغَيْرِ عُذْرٍ، وَلَا يُعِيدُ الصَّلَاةَ مَنْ بِالْمَسْجِدِ وَغَيْرِهِ بِلَا سَبَبِ، وَهُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ بَعْضِ أَصْحَابِنَا، وَذَكَرَهُ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ وَغَيْرُهُمْ.

وَمَنْ نَذَرَ مَتَى حَفِظَ الْقُرْآنَ صَلَّى مَعَ كُلِّ صَلَاةِ فَرِيضَةٍ أُخْرَى، وَحَفِظَهُ لَا يَلْزَمُهُ الْوَفَاءُ بِهِ، فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَيُكَفِّرُ كَفَّارَةَ يَمِينٍ، وَلَا يُدْرِكُ الْجَمَاعَةَ إلَّا بِرَكْعَةٍ وَهُوَ إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، وَاخْتَارَهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ، وَوَجْهٌ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ، وَاخْتَارَهُ الرُّويَانِيُّ.

وَأَصَحُّ الطَّرِيقَيْنِ لِأَصْحَابِ أَحْمَدَ: أَنَّهُ يَصِحُّ ائْتِمَامُ الْقَاضِي بِالْمُؤَدِّي،

<<  <  ج: ص:  >  >>