للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَبِالْعَكْسِ، وَلَا يَخْرُجُ عَنْ ذَلِكَ ائْتِمَامُ الْمُفْتَرِضِ بِالْمُتَنَفِّلِ وَلَوْ اخْتَلَفَا، أَوْ كَانَ صَلَاةُ الْمَأْمُومِ أَقَلَّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي الْبَرَكَاتِ وَغَيْرِهِ، وَحَكَى أَبُو الْعَبَّاسِ فِي صَلَاةِ الْفَرِيضَةِ خَلْفَ صَلَاةِ الْجِنَازَةِ رِوَايَتَيْنِ، وَاخْتَارَ الْجَوَازَ.

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: سُئِلَتْ عَنْ مَا يَفْعَلُهُ الرَّجُلُ شَاكًّا فِي وُجُوبِهِ عَلَى طَرِيقِ الِاحْتِيَاطِ، فَهَلْ يَأْتَمُّ بِهِ الْمُفْتَرِضُ؟ قَالَ: قِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّ الشَّاكَّ يُؤَدِّيهَا بِنِيَّةِ الْوُجُوبِ إذَا احْتَاطَ، وَيُجْزِئُهُ عَنْ الْوَاجِبِ حَتَّى لَوْ تَبَيَّنَ لَهُ فِيمَا بَعْدُ الْوُجُوبُ أَجْزَأَهُ كَمَا قُلْنَا فِي لَيْلَةِ الْإِغْمَاءِ وَإِنْ لَمْ نَقُلْ بِوُجُوبِ الصَّوْمِ، وَكَمَا قُلْنَا فِيمَنْ فَاتَتْهُ صَلَاةٌ مِنْ خَمْسٍ لَا يَعْلَمُ عَيْنَهَا، وَكَمَا قُلْنَا فِيمَنْ شَكَّ فِي انْتِقَاضِ وُضُوئِهِ فَتَوَضَّأَ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ صُوَرِ الشَّكِّ فِي وُجُوبِ طَهَارَةٍ، أَوْ صِيَامٍ؛ أَوْ زَكَاةٍ، أَوْ صَلَاةٍ، أَوْ نُسُكٍ، أَوْ كَفَّارَةٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، بِخِلَافِ مَا لَوْ اعْتَقَدَ عَدَمَ الْوُجُوبِ وَأَدَّاهُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ وَعَكْسِهِ، كَمَا لَوْ اعْتَقَدَ الْوُجُوبَ ثُمَّ تَبَيَّنَ عَدَمَهُ، فَإِنَّ هَذِهِ خَرَجَ فِيهَا خِلَافٌ فِي الْحَقِيقَةِ نَفْلٌ، لَكِنَّهَا فِي اعْتِقَادِهِ وَاجِبَةٌ وَالْمَشْكُوكُ فِيهَا هِيَ فِي قَصْدِهِ وَاجِبَةٌ، وَالِاعْتِقَادُ مُتَرَدِّدٌ.

وَالْمَأْمُومُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِحَدَثِ الْإِمَامِ حَتَّى قُضِيَتْ الصَّلَاةُ أَعَادَ الْإِمَامُ وَحْدَهُ، وَهُوَ مَذْهَبُ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ.

وَيَلْزَمُ الْإِمَامَ مُرَاعَاةُ الْمَأْمُومِ إنْ تَضَرَّرَ بِالصَّلَاةِ أَوَّلَ الْوَقْتِ أَوْ آخِرَهُ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَزِيدَ عَلَى الْقَدْرِ الْمَشْرُوعِ، وَيَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ غَالِبًا مَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَفْعَلُهُ، وَيَزِيدُ وَيَنْقُصُ لِلْمَصْلَحَةِ كَمَا كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَزِيدُ وَيُنْقِصُ أَحْيَانًا. وَالصَّلَاةُ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ " بِمِائَةِ أَلْفٍ، وَبِمَسْجِدِ الْمَدِينَةِ " بِأَلْفٍ، وَالصَّوَابُ فِي " الْأَقْصَى " بِخَمْسِمِائَةٍ.

وَالْجِنُّ لَيْسُوا كَالْإِنْسِ فِي الْحَدِّ، وَالْحَقِيقَةِ، لَكِنَّهُمْ يُشَارِكُونَهُمْ فِي جِنْسِ التَّكْلِيفِ بِالْأَمْرِ، وَالنَّهْيِ، وَالتَّحْلِيلِ، وَالتَّحْرِيمِ بِلَا نِزَاعٍ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ، وَكَانَ أَبُو الْعَبَّاسِ إذَا أُتِيَ بِالْمَصْرُوعِ وَعَظَ مَنْ صَرَعَهُ، وَأَمَرَهُ وَنَهَاهُ، فَإِنْ انْتَهَى وَأَفَاقَ الْمَصْرُوعُ أَخَذَ عَلَيْهِ الْعَهْدَ أَنْ لَا يَعُودَ، وَإِنْ لَمْ يَأْتَمِرْ وَلَمْ يَنْتَهِ وَلَمْ يُفَارِقْهُ ضَرَبَهُ عَلَى أَنْ يُفَارِقَهُ، وَالضَّرْبُ فِي الظَّاهِرِ يَقَعُ عَلَى الْمَصْرُوعِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ فِي الْمَصْرُوعِ، وَإِنَّمَا يَقَعُ فِي الْحَقِيقَةِ عَلَى مَنْ صَرَعَهُ، وَلِهَذَا لَا يَتَأَلَّمُ مَنْ ضَرَبَهُ وَيَصْحُو.

وَلَا يُقَدَّمُ فِي الْإِمَامَةِ بِالنَّسَبِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ، وَمَالِكٍ، وَأَحْمَدَ.

وَيَجِبُ

<<  <  ج: ص:  >  >>