عَلَى إبَاحَةِ ذَلِكَ، وَمَا هُوَ فِي مَعْنَاهُ، وَمَا هُوَ أَوْلَى مِنْهُ بِالْإِبَاحَةِ، وَمَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ يَحْتَاجُ إلَى نَظَرٍ فِي تَحْلِيلِهِ وَتَحْرِيمِهِ، وَتُبَاحُ الْمِنْطَقَةُ الْفِضَّةُ فِي أَظْهَرْ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ، وَكَذَلِكَ التركاشي، وَغِشَاءُ الْقَوْسِ، وَالنُّشَّابُ وَالْجَوْشَنُ، والقرقل، وَالْخُوذَةُ، وَكَذَلِكَ حِلْيَةُ الْمِهْمَازِ الَّذِي يَحْتَاجُ إلَيْهِ لِرُكُوبِ الْخَيْلِ، وَالْكَلَالِيبُ الَّتِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا أَوْلَى بِالْإِبَاحَةِ مِنْ الْخَاتَمِ فَإِنَّ الْخَاتَمَ يُتَّخَذُ لِلزِّينَةِ، وَهَذِهِ لِلْحَاجَةِ وَهِيَ مُتَّصِلَةٌ بِالسَّيْرِ لَيْسَتْ مُفْرَدَةً: كَالْخَاتَمِ وَلَا حَدَّ لِلْمُبَاحِ مِنْ ذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُحَرِّمْ لِبَاسَ الْفِضَّةِ عَلَى الرِّجَالِ وَعَلَى النِّسَاءِ، وَإِنَّمَا حَرَّمَ عَلَى الرِّجَالِ لُبْسَ الذَّهَبِ وَالْحَرِيرِ، وَحَرَّمَ آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَالرُّخْصَةُ فِي اللِّبَاسِ أَوْسَعُ مِنْ الْآنِيَةِ؛ لِأَنَّ حَاجَتَهُمْ إلَى اللِّبَاسِ أَشَدُّ، وَتَنَازُعُ الْعُلَمَاءِ فِي يَسِيرِ الذَّهَبِ فِي اللِّبَاسِ وَالسِّلَاحِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ: أَحَدُهَا: لَا تُبَاحُ.
وَالثَّانِي: تُبَاحُ فِي السَّيْفِ خَاصَّةً. وَالثَّالِثُ: تُبَاحُ فِي السِّلَاحِ. وَكَانَ عُثْمَانُ بْنُ حُنَيْفٍ فِي سَيْفِهِ مِسْمَارٌ مِنْ ذَهَبٍ.
وَالرَّابِعُ: وَهُوَ الْأَظْهَرُ أَنَّهُ يُبَاحُ يَسِيرُ الذَّهَبِ فِي اللِّبَاسِ وَالسِّلَاحِ، فَيُبَاحُ طِرَازُ الذَّهَبِ إذَا كَانَ أَرْبَعَةَ أَصَابِعِ فَمَا دُونَهَا، وَخَزُّ الْقَبَّانِ وَحِيلَةُ الْقَوْسِ كَالسَّرْجِ وَالْبُرْدَيْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ، وَحَدِيثُ: «لَا يُبَاحُ مِنْ الذَّهَبِ وَلَوْ خَزُّ بِصِيصَةٍ» وَخَزُّ بِصِيصَةٍ: عَيْنُ الْجَرَادَةِ؛ مَحْمُولٌ عَلَى الذَّهَبِ الْمُفْرَدِ: كَالْخَاتَمِ وَنَحْوِهِ، وَالْحَدِيثُ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ.
وَجَعَلَ الْقَاضِي، وَابْنُ عَقِيلٍ تَشَبُّهَ الرِّجَالِ بِالنِّسَاءٍ، وَالنِّسَاءِ بِالرِّجَالِ مِنْ قِسْمِ الْمَكْرُوهِ، وَالصَّحِيحُ: أَنَّهُ مُحَرَّمٌ، وَحَكَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا التَّحْرِيمَ رِوَايَةً، وَمَا كَانَ مِنْ لُبْسِ الرِّجَالِ مِثْلُ: الْعِمَامَةِ، وَالْخُفِّ، الْقَبَاءِ الَّذِي لِلرِّجَالِ، وَالثِّيَابِ الَّتِي تُبْدِي مَقَاطِعَ خَلْقِهَا، وَالثَّوْبِ الرَّقِيقِ الَّذِي لَا يَسْتُرُ الْبَشَرَةَ، وَغَيْرِ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ تُنْهَى عَنْهُ، وَعَلَى وَلِيِّهَا كَأَبِيهَا وَزَوْجِهَا أَنْ يَنْهَاهَا عَنْ ذَلِكَ.
وَهَذِهِ الْعَمَائِمُ الَّتِي تَلْبَسُهَا النِّسَاءُ عَلَى رُءُوسِهِنَّ حَرَامٌ بِلَا رَيْبٍ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَقَدْ سُئِلَ عَنْ لُبْسِ الْقَبَاءِ. وَالنَّظَرِيُّ لَيْسَ لَهُ التَّشْبِيهُ فِي لِبَاسِهِ بِلِبَاسِ أَعْدَاءِ الْمُسْلِمِينَ.
وَاللِّبَاسُ وَالزِّيُّ الَّذِي يَتَّخِذُهُ بَعْضُ النُّسَّاكِ مِنْ الْفُقَرَاءِ، وَالصُّوفِيَّةِ، وَالْفُقَهَاءِ، وَغَيْرِهِمْ بِحَيْثُ يَصِيرُ شِعَارًا فَارِقًا كَمَا أُمِرَ أَهْلُ الذِّمَّةِ بِالتَّمْيِيزِ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِي شُعُورِهِمْ وَمَلَابِسِهِمْ، فِيهِ مَسْأَلَتَانِ: الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى: هَلْ يُشْرَعُ ذَلِكَ اسْتِحْبَابًا لِتَمَيُّزِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute