وَعُلَمَاءُ الْكَلَامِ لَهُمْ أَقْوَالٌ شَاذَّةٌ فَلَا عِبْرَةَ بِهَا وَرُوحُ الْآدَمِيِّ مَخْلُوقَةٌ وَقَدْ حَكَى الْإِجْمَاعَ عَلَى ذَلِكَ أَبُو مُحَمَّدِ بْنِ نَصْرٍ الْمَرْوَزِيِّ وَغَيْرُهُ.
فَصْلٌ
قَالَ عَبْدُ الْعَزِيزِ الْكِتَابِيُّ الْمُحَدِّثُ الْمَعْرُوفُ لَيْسَ مِنْ قُبُورِ الْأَنْبِيَاءِ مَا يَثْبُتُ إلَّا قَبْرَ نَبِيِّنَا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَالَ غَيْرُهُ وَقَبْرُ إبْرَاهِيمَ أَيْضًا.
وَذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ فِي كِتَابِ الطَّبَقَاتِ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي مُرَّةَ قَالَ لَا نَعْلَمُ قَبْرَ نَبِيٍّ مِنْ الْأَنْبِيَاءِ إلَّا ثَلَاثَةً قَبْرَ إسْمَاعِيلَ فَإِنَّهُ تَحْتَ الْمِيزَابِ بَيْنَ الرُّكْنِ وَالْبَيْتِ وَقَبْرَ هُودٍ فِي كَثِيبٍ مِنْ الرَّمْلِ تَحْتَ جَبَلٍ مِنْ جِبَالِ الْيَمَنِ عَلَيْهِ شَجَرَةٌ تَبْدُو. مَوْضِعُهُ أَشَدُّ الْأَرْضِ حَرًّا، وَقَبْرَ نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِمْ أجْمَعِينَ -.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَالْقُبَّةُ الَّتِي عَلَى الْعَبَّاسِ بِالْمَدِينَةِ يُقَالُ فِيهَا سَبْعَةٌ الْعَبَّاسُ وَالْحَسَنُ وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَأَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ عَلِيٍّ وَجَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ وَيُقَالُ: إنَّ فَاطِمَةَ تَحْتَ الْحَائِطِ أَوْ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ وَأَنَّ رَأْسَ الْحُسَيْنِ هُنَاكَ وَأَمَّا الْقُبُورُ الْمَكْذُوبَةُ مِنْهَا الْقَبْرُ الْمُضَافُ إلَى أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي دِمَشْقَ وَالنَّاسُ مُتَّفِقُونَ عَلَى أَنَّ أُبَيَّ بْنَ كَعْبٍ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ النَّبَوِيَّةِ.
وَمَنْ قَالَ: إنَّ بِظَاهِرِ دِمَشْقَ قَبْرَ أُمِّ حَبِيبَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ أَوْ غَيْرِهِمَا مِنْ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَدْ كَذَبَ، وَلَكِنْ بِالشَّامِ مِنْ الصَّحَابِيَّاتِ امْرَأَةٌ يُقَالُ لَهَا أُمُّ سَلَمَةَ بِنْتُ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ فَهَذِهِ تُوُفِّيَتْ بِالشَّامِ فَهَذِهِ قَبْرُهَا مُحْتَمَلٌ وَأَمَّا قَبْرُ بِلَالٍ فَمُمْكِنٌ فَإِنَّهُ دُفِنَ بِبَابِ الصَّغِيرِ بِدِمَشْقَ فَيُعْلَمُ أَنَّهُ دُفِنَ هُنَاكَ وَأَمَّا الْقَطْعُ بِتَعْيِينِ قَبْرِهِ فَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّهُ يُقَالُ: إنَّ تِلْكَ الْقُبُورَ حُرِثَتْ.
وَمِنْهَا الْقَبْرُ الْمُضَافُ إلَى أُوَيْسٍ الْقَرَنِيِّ غَرْبِي دِمَشْقَ فَإِنَّ أُوَيْسًا لَمْ يَجِئْ إلَى الشَّامِ وَإِنَّمَا ذَهَبَ إلَى الْعِرَاقِ وَمِنْهَا الْقَبْرُ الْمُضَافُ إلَى هُودٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بِجَامِعِ دِمَشْقَ كَذِبٌ بِاتِّفَاقِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَإِنَّ هُودًا لَمْ يَجِئْ إلَى الشَّامِ بَلْ بُعِثَ بِالْيَمَنِ وَهَاجَرَ إلَى مَكَّةَ فَقِيلَ: إنَّهُ مَاتَ بِالْيَمَنِ وَقِيلَ: إنَّهُ مَاتَ بِمَكَّةَ وَإِنَّمَا ذَلِكَ قَبْرُ مُعَاوِيَةَ بْنِ يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ الَّذِي تَوَلَّى الْخِلَافَةَ مُدَّةً قَصِيرَةً ثُمَّ مَاتَ وَلَمْ يَعْهَدْ إلَى أَحَدٍ وَكَانَ فِيهِ دَيْنٌ وَصَلَاحٌ وَمِنْهَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute