مُقْطِعٍ آخَرَ وَالزَّرْعُ قَائِمٌ فِيهَا، وَشَجَرُ الْجَوْزِ الْمَوْقُوفِ إنْ أَدْرَكَ، وَإِنْ قَطَعَهُ فِي حَيَاةِ الْبَطْنِ الْأَوَّلِ فَهُوَ لَهُ، فَإِنْ مَاتَ وَبَقِيَ فِي الْأَرْضِ مُدَّةً حَتَّى زَادَ كَانَتْ الزِّيَادَةُ حَادِثَةً مِنْ مَنْفَعَةِ الْأَرْضِ الَّتِي لِلْبَطْنِ الثَّانِي.
وَالْأَصْلُ الَّذِي وَرِثَ الْأَوَّلُ فَإِمَّا أَنْ يَقْسِمَ الزِّيَادَةَ عَلَى قَدْرِ الْقِسْمَيْنِ، وَإِمَّا أَنْ يُعْطِيَ الْوَرَثَةَ أُجْرَةَ الْأَرْضِ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي، وَإِنْ غَرَسَهُ الْبَطْنُ الْأَوَّلُ مِنْ مَالِ الْوَقْفِ وَلَمْ يُدْرِكْ إلَّا بَعْدَ انْتِقَالِهِ إلَى الْبَطْنِ الثَّانِي فَهُوَ لَهُمْ، وَلَيْسَ لِوَرَثَةِ الْأَوَّلِ فِيهِ شَيْءٌ وَمَنْ وَقَفَ وَقْفًا مُسْتَقِلًّا، ثُمَّ ظَهَرَ عَلَيْهِ دَيْنٌ وَلَمْ يُمْكِنْ وَفَاءُ الدَّيْنِ إلَّا بِبَيْعِ شَيْءٍ مِنْ الْوَقْفِ وَهُوَ فِي مَرَضِ الْمَوْتِ بِيعَ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ وَإِنْ كَانَ الْوَقْفُ فِي الصِّحَّةِ فَهَلْ يُبَاعُ لِوَفَاءِ الدَّيْنِ فِيهِ خِلَافٌ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ وَمَنْعُهُ قَوِيٌّ. قُلْت: وَظَاهِرُ كَلَامِ أَبِي الْعَبَّاسِ وَلَوْ كَانَ الدَّيْنُ حَادِثًا بَعْدَ الْوَقْفِ، قَالَ: وَلَيْسَ هَذَا بِأَبْلَغَ مِنْ التَّدْبِيرِ، وَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَاعَ عَلَى الْمُدَبَّرِ فِي الدَّيْنِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَإِذَا وَقَفَ الْوَاقِفُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ، وَأَثْبَتَ عِنْدَ حَاكِمٍ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لِصِحَّةِ الْوَقْفِ، وَلَمْ يُعْلَمْ الْمَوْقُوفُ عَلَيْهِمْ ثُمَّ مَاتَ الْوَاقِفُ فَرَدَّ الْمَوْقُوفَ إلَى الْمَوْقُوفِ عَلَيْهِمْ وَطَلَبَ أَرْبَابَ الدُّيُونِ دِينَهُمْ وَرُفِعَتْ الْقِصَّةُ إلَى حَاكِمٍ يَرَى بُطْلَانَ هَذَا الْوَقْفِ مِنْ جِهَةِ شَرْطِ النَّظَرِ لِنَفْسِهِ وَكَوْنِهِ يَسْتَغْرِقُ الذِّمَّةَ بِالدَّيْنِ وَكَوْنِهِ لَمْ يُخْرِجْهُ مِنْ يَدِهِ، فَهَلْ يَجُوزُ نَقْضُهُ فَيُقَالُ حُكْمُ الْحَاكِمِ بِمَا قَامَتْ بِهِ الْبَيِّنَةُ وَالْقَضَاءُ بِمُوجِبِهِ وَالْإِلْزَامُ بِمُقْتَضَاهُ لَا يَمْنَعُ الْحَاكِمَ الثَّانِيَ الَّذِي عِنْدَهُ أَنَّ الْوَاقِفَ كَانَتْ ذِمَّتُهُ مَشْغُولَةً بِالدُّيُونِ حِينَ الْوَقْفِ أَنْ يَحْكُمَ بِمَذْهَبِهِ فِي بُطْلَانِ هَذَا الْوَاقِفِ وَصَرْفِ الْمَالِ إلَى الْغُرَمَاءِ الْمُسْتَحَقِّينَ لِلْوَفَاءِ فَإِنَّ الْحَاكِمَ الْأَوَّلَ فِي وُجُوهِ هَؤُلَاءِ الْخُصُومِ وَنُوَّابِهِمْ لَا يُضَمِّنُ حُكْمَهُ عَمَلَهُ بِهَذَا الْفَصْلِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ، وَإِذَا صَادَفَ حُكْمَهُ مُخْتَلَفًا فِيهِ لَمْ يَعْلَمْهُ وَلَمْ يَحْكُمْ فِيهِ جَازَ نَقْضُهُ.
وَمَنْ نَزَلَ فِي مَدْرَسَةٍ وَنَحْوِهَا اسْتَحَقَّ بِحِصَّتِهِ مِنْ الْمُغَلِّ وَمَنْ جَعَلَهُ كَالْوَلَدِ فَقَدْ أَخْطَأَ وَلِوَرَثَةِ إمَامِ مَسْجِدٍ أُجْرَةُ عَمَلِهِ فِي أَرْضِ الْمَسْجِدِ كَمَا لَوْ كَانَ الْفَلَّاحُ غَيْرَهُ، وَلَهُمْ مِنْ مُغَلِّهِ بِقَدْرِ مَا بَاشَرَ مُوَرِّثُهُمْ وَيَسْتَحِقُّ وَلَدُ الْوَلَدِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَحِقَّ أَبُوهُ شَيْئًا وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ الْوَقْفَ كَالْإِرْثِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ وَالِدُهُ أَخَذَ شَيْئًا لَمْ يَأْخُذْ هُوَ فَلَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَلَمْ يَدْرِ مَا يَقُولُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute