للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحَدُهُمَا بِحَاجَةٍ غَيْرِ مُعْتَادَةٍ مِثْلُ أَنْ يَقْضِيَ عَنْ أَحَدِهِمَا دَيْنًا وَجَبَ عَلَيْهِ مِنْ أَرْشِ جِنَايَةٍ أَوْ يُعْطِيَ عَنْهُ الْمَهْرَ أَوْ يُعْطِيَهُ نَفَقَةَ الزَّوْجَةِ وَنَحْوَ ذَلِكَ فَفِي وُجُوبِ إعْطَاءِ الْآخَرِ مِثْلَ ذَلِكَ نَظَرٌ وَتَجْهِيزُ الْبَنَاتِ بِالنِّحَلِ أَشْبَهُ وَقَدْ يُلْحَقُ بِهَذَا وَالْأَشْبَهُ أَنْ يُقَالَ فِي هَذَا أَنَّهُ يَكُونُ بِالْمَعْرُوفِ فَإِنْ زَادَ عَلَى الْمَعْرُوفِ فَهُوَ مِنْ بَابِ النِّحَلِ وَلَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مُحْتَاجًا دُونَ الْآخَرِ أَنْفَقَ عَلَيْهِ قَدْرَ كِفَايَتِهِ.

وَأَمَّا الزِّيَادَةُ فَمِنْ النِّحَلِ فَلَوْ كَانَ أَحَدُ الْأَوْلَادِ فَاسِقًا فَقَالَ وَالِدُهُ: لَا أُعْطِيك نَظِيرَ إخْوَتِك حَتَّى تَتُوبَ فَهَذَا حَسَنٌ يَتَعَيَّنُ اسْتِثْنَاؤُهُ وَإِذَا امْتَنَعَ مِنْ التَّوْبَةِ فَهُوَ الظَّالِمُ فَإِنْ تَابَ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُعْطِيَهُ.

وَأَمَّا إنْ امْتَنَعَ مِنْ زِيَادَةِ الدَّيْنِ لَمْ يَجُزْ مَنْعُهُ فَلَوْ مَاتَ الْوَالِدُ قَبْلَ التَّسْوِيَةِ الْوَاجِبَةِ فَلِلْبَاقِينَ الرُّجُوعُ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَاخْتِيَارُ ابْنِ بَطَّةَ وَأَبِي حَفْصٍ وَأَمَّا الْوَلَدُ الْمُفَضَّلُ يَنْبَغِي لَهُ الرَّدُّ بَعْدَ الْمَوْتِ قَوْلًا وَاحِدًا وَهَلْ يَطِيبُ لَهُ الْإِمْسَاكُ إذَا قُلْنَا لَا يُجْبَرُ عَلَى الرَّدِّ. كَلَامُ أَحْمَدَ يَقْتَضِي رِوَايَتَيْنِ فَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْحَكَمِ وَإِذَا مَاتَ الَّذِي فَضَّلَ لَمْ أُطَيِّبْهُ لَهُ وَلَمْ أُجْبِرْ عَلَى رَدِّهِ وَظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ وَنُقِلَ عَنْهُ أَيْضًا.

قُلْت: فَتَرَى الَّذِي فَضَّلَ أَنْ يَرُدَّهُ قَالَ إنْ فَعَلَ فَهُوَ أَجْوَدُ وَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ ذَلِكَ لَمْ أُجْبِرْهُ وَظَاهِرُهُ الِاسْتِحْبَابُ وَإِذَا قُلْنَا يَرُدُّهُ بَعْدَ الْمَوْتِ فَالْوَصِيُّ يَفْعَلُ ذَلِكَ فَلَوْ مَاتَ الثَّانِي قَبْلَ الرَّدِّ وَالْمَالُ بِحَالِهِ رَدَّهُ أَيْضًا لَكِنْ لَوْ قُسِمَتْ تَرِكَةُ الثَّانِي قَبْلَ الرَّدِّ أَوْ بِيعَتْ أَوْ وُهِبَتْ فَهَا هُنَا فِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ الْقِسْمَةَ وَالْقَبْضَ بِقُرْبِ الْعُقُودِ الْجَاهِلِيَّةِ وَهَذَا فِيهِ تَأْوِيلٌ.

وَكَذَلِكَ لَوْ تَصَرَّفَ الْمُفَضَّلُ فِي حَيَاةِ أَبِيهِ بِبَيْعٍ أَوْ هِبَةٍ وَاتَّصَلَ بِهِمَا الْقَبْضُ فَفِي الرَّدِّ نَظَرٌ إلَّا أَنَّ هَذَا مُتَّصِلٌ بِالْقَبْضِ فِي الْعُقُودِ الْفَاسِدَةِ وَلِلْأَبِ الرُّجُوعُ فِيمَا وَهَبَهُ لِوَلَدِهِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقٌّ أَوْ رَغْبَةٌ فَلَا يَرْجِعُ بِقَدْرِ الدَّيْنِ وَقَدْرِ الرَّغْبَةِ وَيَرْجِعُ فِيمَا زَادَ.

وَعَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِيمَا إذَا تَصَدَّقَ عَلَى وَلَدِهِ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ رِوَايَتَانِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصَّدَقَةَ نَوْعٌ مِنْ الْهِبَةِ أَوْ نَوْعٌ مُسْتَقِلٌّ وَعَلَى ذَلِكَ يَبْنِي مَا لَوْ حَلَفَ لَا يَهَبُ فَتَصَدَّقَ هَلْ يَجِبُ عَلَى وَجْهَيْنِ.

وَالصَّدَقَةُ أَفْضَلُ مِنْ الْهِبَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فِي الْهَدِيَّةِ مَعْنًى تَكُونُ بِهِ أَفْضَلَ مِثْلُ الْإِهْدَاءِ لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَحَبَّةً لَهُ وَمِثْلُ الْإِهْدَاءِ لِقَرِيبٍ يَصِلُ بِهِ الرَّحِمَ أَوْ أَخٍ لَهُ فِي اللَّهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>