للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْحُرِّ مِنْ غَيْرِ تَقْيِيدِهِ بِزَوْجٍ وَكَذَلِكَ ابْنُ عَقِيلٍ.

وَأَمَّا أَبُو الْخَطَّابِ وَالشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي الْمُقْنِعِ فَلَفْظُهُمَا إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى مَنَافِعِهِ مُدَّةً مَعْلُومَةً فَعَلَى رِوَايَتَيْنِ فَاعْتَبَرَ صَاحِبُ الْمُحَرَّرِ الْقَيْدَيْنِ الزَّوْجِيَّةَ وَالْحُرِّيَّةَ وَلَعَلَّ مَأْخَذَ الْمَنْعِ أَنَّهَا لَيْسَ بِمَالٍ كَقَوْلِ الْحَنَفِيَّةِ وَسَلَّمَهُ الْقَاضِي وَلَمْ يَمْنَعْهُ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ وَقَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ هَذَا مَمْنُوعٌ بَلْ هِيَ مَالٌ وَتَجُوزُ الْمُعَاوَضَةُ عَلَيْهَا.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ فِي تَعْلِيلِ رِوَايَةِ الْمَنْعِ أَنَّهُ لِمَا فِيهِ مِنْ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ يَصِيرُ مِلْكًا لِلْآخَرِ فَكَأَنَّهُ يَقْضِي إلَى تَنَافِي الْأَحْكَامِ كَمَا لَوْ تَزَوَّجَتْ عَبْدَهَا وَعَلَى هَذَا التَّعْلِيلِ فَيَنْبَغِي إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ لِغَيْرِهَا أَنْ تَصِحَّ وَعَلَى هَذَا تُخَرَّجُ قِصَّةُ شُعَيْبٍ وَمُوجِبُ هَذَا التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَسْتَأْجِرُ زَوْجَهَا إجَارَةً مُعَيَّنَةً مُقَدَّرَةً بِالزَّمَانِ وَأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْأَجِيرَيْنِ لَا يَسْتَأْجِرُ الْآخَرَ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ مُخْتَصًّا بِمَنْفَعَةِ الْخِدْمَةِ خَاصَّةً لِمَا فِيهِ مِنْ الْمِهْنَةِ وَالْمُنَاجَاةِ وَإِذَا لَمْ تَصِحَّ الْمَنَافِعُ صَدَاقًا فَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ تَجِبُ قِيمَةُ الْمَنْفَعَةِ الْمَشْرُوطَةِ إلَّا إذَا عَلِمَا أَنَّ هَذِهِ الْمَنْفَعَةَ لَا تَكُونُ صَدَاقًا فَيُشْبِهُ مَا لَوْ أَصْدَقَهَا مَالًا مَغْصُوبًا فِي أَنَّ الْوَاجِبَ مَهْرُ الْمِثْلِ فِي أَحَدِ الْوَجْهَيْنِ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى أَنْ يُعَلِّمَهَا أَوْ يُعَلِّمَ غُلَامَهَا صَنْعَةً صَحَّ ذَكَرَهُ الْقَاضِي وَالْأَشْبَهُ جَوَازُهُ أَيْضًا وَلَوْ كَانَ الْمُعَلَّمُ أَخَاهَا أَوْ ابْنَهَا أَوْ أَجْنَبِيًّا وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لِلْمَرْأَةِ مَا أَصْدَقَهَا لَمْ يَكُنْ النِّكَاحُ لَازِمًا وَلَوْ أُعْطِيت بَدَلَهُ كَالْبَيْعِ وَإِنَّمَا يَلْزَمُ مَا أَلْزَمَ الشَّارِعُ بِهِ أَوْ الْتَزَمَهُ الْمُكَلَّفُ وَمَا خَالَفَ هَذَا الْقَوْلَ ضَعِيفٌ مُخَالِفٌ لِلْأُصُولِ.

فَإِذَا نُقِلَ بِامْتِنَاعِ الْعَقْدِ يَتَعَذَّرُ تَسْلِيمُ الْمَعْقُودِ عَلَيْهِ فَلَا أَقَلَّ مِنْ أَنْ تَمْلِكَ الْمَرْأَةُ الْفَسْخَ فَإِذَا أَصْدَقَهَا شَيْئًا مُعَيَّنًا وَتَلِفَ قَبْلَ قَبْضِهِ ثَبَتَ لِلزَّوْجَةِ فَسْخُ النِّكَاحِ وَإِنْ كَانَ الشَّرْطُ بَاطِلًا وَلَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِطُ بِبُطْلَانِهِ لَمْ يَكُنْ الْعَقْدُ لَازِمًا بَلْ إنْ رَضِيَ بِدُونِ الشَّرْطِ وَإِلَّا فَلَهُ الْفَسْخُ وَإِذَا تَزَوَّجَهَا أَنْ يَشْتَرِيَ لَهَا عَبْدَ زَيْدٍ فَامْتَنَعَ زَيْدٌ مِنْ بَيْعِهِ فَأَعْطَاهَا قِيمَتَهُ ثُمَّ بَاعَهُ زَيْدٌ الْعَبْدَ فَهَلْ لَهَا رَدُّ الْبَدَلِ وَأَخْذُ الْعَبْدِ، تَرَدَّدَ فِيهِ أَبُو الْعَبَّاسِ وَلَوْ أَصْدَقَهَا عَبْدًا بِشَرْطِ أَنْ تَعْتِقَهُ.

فَقِيَاسُ الْمَشْهُورِ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّهُ يَصِحُّ كَالْبَيْعِ وَاَلَّذِي يَنْبَغِي فِي أَصْنَافِ سَائِرِ الْمَالِ كَالْعَبْدِ وَالشَّاةِ وَالْبَقَرَةِ وَالثِّيَابِ وَنَحْوِهِمَا أَنَّهُ إذَا أَصْدَقَهَا شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ أَنْ يَرْجِعَ فِيهِ إلَى مُسَمَّى ذَلِكَ اللَّفْظِ فِي عُرْفِهَا كَمَا نَقُولُ فِي الدَّرَاهِمِ وَالدَّنَانِيرِ الْمُطْلَقَةِ فِي الْعَقْدِ وَإِنْ كَانَ بَعْضُ ذَلِكَ غَالِبًا أَخَذَ بِهِ كَالْبَيْعِ أَوْ كَانَ مِنْ عَادَتِهَا اقْتِنَاؤُهُ أَوْ لِبْسُهُ فَهُوَ كَالْمَلْفُوظِ بِهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>