للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ جَعْفَرٍ، وَالنَّسَائِيُّ: أَنَّهُ إذَا أَصْدَقَهَا عَبْدًا مِنْ عَبِيدِهِ أَنَّهُ يَصِحُّ وَلَهَا الْوَسَطُ عَلَى قَدْرِ مَا يَخْدُمُهَا وَنَقْلُهَا دَلِيلٌ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُ لَمْ يَعْتَبِرْ الْخَادِمَ مُطْلَقًا وَإِنَّمَا اعْتَبَرَ مَا يُنَاسِبُهَا. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: فِي الْخُلْعِ وَلَوْ خَالَعَهَا عَلَى عَبْدٍ مُطْلَقٍ لَوْ قِيلَ يَجِبُ مَا يُجْزِئُ عِتْقُهُ فِي الْكَفَّارَةِ وَمَا يَجِبُ فِي النَّذْرِ الْمُطْلَقِ لَكَانَ أَقْرَبَ إلَى الْقِيَاسِ إلَّا أَنَّهُ لَا يُعْتَبَرُ فِيهِ الْإِيمَانُ.

أَطْلَقَ الْقَاضِي أَنَّهُ إذَا تَزَوَّجَهَا عَلَى بَيْتٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَاسْتَدَلَّ بِمَسْأَلَةِ تَفَاوُتِهَا فِي الْحَضَرِ وَمَفْهُومُهَا أَنَّ الْبَدَوِيَّةَ لَيْسَتْ كَذَلِكَ وَهَذَا أَشْبَهُ لِأَنَّ بُيُوتَ الْبَادِيَةِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَالْخَادِمِ بِخِلَافِ الْحَضَرِ فَإِنَّ بُيُوتَهُمْ تَخْتَلِفُ جِنْسًا وَقَدْرًا وَصِفَةً اخْتِلَافًا مُتَفَاوِتًا.

وَلَوْ عَلَّمَ السُّورَةَ أَوْ الْقَصِيدَةَ غَيْرُ الزَّوْجِ يَنْوِي بِالتَّعْلِيمِ أَنَّهُ عَنْ الزَّوْجِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُعْلِمَ الزَّوْجَةَ فَهَلْ يَقَعُ عَنْ الزَّوْجِ فَيُتَوَجَّهُ أَنْ يُقَالَ: إنْ قُلْنَا لَا يُجْبَرُ الْغَرِيمُ عَلَى اسْتِيفَاءِ الدَّيْنِ مِنْ غَيْرِ الْمَدِينِ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى نِيَّتِهِ إذْ لَمْ يُظْهِرْهَا لِأَنَّ هَذَا الِاسْتِيفَاءَ شُرِطَ بِالرِّضَا وَالْغَرِيمُ الْمُسْتَحِقُّ لَمْ يَرْضَ أَنَّهُ يَسْتَوْفِي دَيْنَهُ مِنْ غَيْرِ الْمَدِينِ وَإِنْ قُلْنَا يُجْبَرُ الْمُسْتَحِقُّ عَلَى الِاسْتِيفَاءِ مِنْ غَيْرِ الْغَرِيمِ فَيُتَوَجَّهَ أَنْ يُؤَثِّرَ مُجَرَّدُ دَيْنِهِ الْمُوَفَّى وَيُقْبَلُ قَوْلُهُ فِيمَا بَعْدُ.

وَلَوْ تَزَوَّجَهَا عَلَى مِائَةٍ مُقَدَّمًا وَمِائَةٍ مُؤَجَّلَةٍ صَحَّ وَلَا تَسْتَحِقُّ الْمُطَالَبَةَ بِالْمُؤَجَّلَةِ إلَّا بِمَوْتٍ أَوْ فُرْقَةٍ.

وَنَصَّ عَلَيْهِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ جَمَاعَةٍ، وَاخْتَارَهُ شُيُوخُ الْمَذْهَبِ كَالْقَاضِي وَغَيْرِهِ جَاءَ عَنْ ابْنِ سِيرِينَ عَنْ شُرَيْحٍ أَنَّهُ تَزَوَّجَ رَجُلٌ امْرَأَةً عَلَى عَاجِلٍ وَآجِلٍ إلَى الْمَيْسَرَةِ فَقَدَّمَتْهُ إلَى شُرَيْحٍ فَقَالَ دُلَّنَا عَلَى مَيْسَرَةٍ فَآخُذُهُ لَك وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ أَنَّ هَذَا شَرْطٌ صَحِيحٌ لِأَنَّ الْجَهَالَةَ فِيهِ أَقَلُّ مِنْ جَهَالَةِ الْفُرْقَةِ وَكَانَ فِي الْحَقِيقَةِ هَذَا الشَّرْطُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ، وَلَوْ قِيلَ بِصِحَّتِهِ فِي جَمِيعِ الْآجَالِ لَكَانَ مُتَّجَهًا صَرَّحَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالْقَاضِي وَأَبُو مُحَمَّدٍ وَغَيْرُهُمْ بِأَنَّهُ إذَا أَطْلَقَ الصَّدَاقَ كَانَ حَالًّا. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: إنْ كَانَ الْفَرْقُ جَارِيًا بَيْنَ أَهْلِ الْأَرْضِ أَنَّ الْمُطْلَقَ يَكُونُ مُؤَجَّلًا فَيَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُهُمْ عَلَى مَا يَعْرِفُونَهُ وَلَوْ كَانُوا يُفَرِّقُونَ بَيْنَ لَفْظِ الْمَهْرِ وَالصَّدَاقِ

<<  <  ج: ص:  >  >>