للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

هَذَا الشَّرْطِ قَبِلَتْ أَمْ لَمْ تَقْبَلْ كَاشْتِرَاطِ الْهَدِيَّةِ قَالَ أَحْمَدُ بْنُ الْقَاسِمِ سُئِلَ أَحْمَدُ عَنْ الرَّجُلِ يُعْتِقُ الْجَارِيَةَ عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا يَقُولُ: قَدْ أَعْتَقْتُك وَجَعَلْت عِتْقَك صَدَاقَك أَوْ يَقُولُ: قَدْ أَعْتَقْتُك عَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَك قَالَ: هُوَ جَائِزٌ وَهُوَ سَوَاءٌ أَعْتَقْتُكِ وَتَزَوَّجْتُكِ، وَعَلَى أَنْ أَتَزَوَّجَك إذَا كَانَ كَلَامًا وَاحِدًا إذَا تَكَلَّمَ بِهِ وَهُوَ جَائِزٌ.

وَهَذَا نَصٌّ مِنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ أَنْ أَتَزَوَّجَك بِمَنْزِلَةِ قَوْلِهِ وَتَزَوَّجْتُك.

وَكَلَامُهُ يَقْتَضِي أَنَّهَا تَصِيرُ زَوْجَةً بِنَفْسِ هَذَا الْكَلَامِ، وَعَلَى قَوْلِ الْأَوَّلَيْنِ إذَا لَمْ يَتَزَوَّجْهَا ذَكَرُوا أَنَّهُ يَلْزَمُهَا قِيمَةُ نَفْسِهَا سَوَاءٌ كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ أَوْ مِنْهَا وَهَذَا فِيهِ نَظَرٌ إذَا كَانَ الِامْتِنَاعُ مِنْهُ، وَيَتَخَرَّجُ عَلَى قَوْلِهِمْ أَنَّهَا تُعْتَقُ مُجَّانًا وَيَتَخَرَّجُ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى بَدَلِ الْعِوَضِ لَا إلَى بَدَلِ الْعِتْقِ وَهُوَ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَأَقْرَبُ إلَى الْعَدْلِ إذْ الرَّجُلُ طَابَتْ نَفْسُهُ بِالْعِتْقِ إذَا أَخَذَ هَذَا الْعِوَضَ وَأَخْذُ بَدَلِهِ قَائِمٌ مَقَامَهُ.

وَمَنْ أَعْتَقَتْ عَبْدَهَا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَ بِهَا أَوْ بِسِوَاهَا أَوْ بِدُونِهِ عَتَقَ وَلَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ ذَكَرَهُ أَصْحَابُنَا وَعَلَّلَهُ ابْنُ عَقِيلٍ بِأَنَّهَا اشْتَرَطَتْ عَلَيْهِ تَمْلِيكَ الْبُضْعِ وَهُوَ لَا قِيمَةَ لَهُ وَعَلَّلَهُ الْقَاضِي بِأَنَّهُ سَلَفٌ فِي النِّكَاحِ وَالْحَظُّ فِي النِّكَاحِ لِلزَّوْجِ، وَهَذَا الْكَلَامُ فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ الْحَظَّ فِي النِّكَاحِ لِلْمَرْأَةِ، وَلِهَذَا مَلَكَ الْأَوْلِيَاءُ أَنْ يُجْبِرُوهَا عَلَيْهِ دُونَ الرَّجُلِ وَمَلَكَ الْوَلِيُّ فِي الْجُمْلَةِ أَنْ يُطَلِّقَ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ وَلَمْ يَمْلِكْ ذَلِكَ مِنْ الصَّغِيرَةِ وَلَوْ أَرَادَ أَنْ يَفْسَخَ نِكَاحَهَا.

وَمَعْلُومٌ أَنَّهَا اشْتَرَطَتْ نَفَقَةً وَمَهْرًا أَوْ اسْتِمْتَاعًا وَهَذَا مَقْصُودٌ كَمَا أَنَّهُ إذَا أَعْتَقَهَا عَلَى أَنْ يَتَزَوَّجَهَا شَرَطَ عَلَيْهَا اسْتِمْتَاعًا تَجِبُ عَلَيْهِ النَّفَقَةُ، وَأَمَّا إذَا خُيِّرَ بَيْنَ الزَّوَاجِ وَعَدَمِهِ فَيُتَوَجَّهُ أَنَّ عَلَيْهِ قِيمَةَ نَفْسِهِ وَإِذَا بَدَّلَ التَّزْوِيجَ فَلَيْسَ عَلَيْهِ إلَّا مَهْرُ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ مُقْتَضَى النِّكَاحِ الْمُطْلَقِ، وَإِنَّمَا أَوْجَبْنَا عَلَيْهِ بِالْمُفَارَقَةِ قِيمَةَ نَفْسِهِ لِأَنَّ الْعِوَضَ الْمَشْرُوطَ فِي الْعَقْدِ هُوَ تَزَوُّجُهُ بِهَا وَلَا قِيمَةَ لَهُ فِي الشَّرْعِ فَيَكُونُ كَمَنْ أَعْتَقَ عَلَى عِوَضٍ لَمْ يُسَمِّ لَهَا وَيُتَوَجَّهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَتَزَوَّجْهَا يُعْطِيهَا مَهْرَ الْمِثْلِ أَوْ نِصْفَهُ لِأَنَّهُ هُوَ الَّذِي تَسْتَحِقُّهُ عَلَيْهِ إذَا تَزَوَّجَهَا فَإِنَّهُ يَمْلِكُ الطَّلَاقَ بَعْدَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا يَجِبُ لَهَا بِالْعَقْدِ مَهْرُ الْمِثْلِ وَهَذَا الْبَحْثُ يَجْرِي فِيمَا إذَا أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى أَنْ يُزَوِّجَهُ أُخْتَهُ أَوْ يُعْتِقَهَا وَإِذَا لَمْ نُصَحِّحْ الطَّلَاقَ مَهْرًا.

فَذَكَرَ الْقَاضِي فِي " الْجَامِعِ " وَأَبُو الْخَطَّابِ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهَا تَسْتَحِقُّ مَهْرًا بِضِدِّهِ وَقَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَهُوَ أَجْوَدُ فَإِنَّ الصَّدَاقَ وَإِنْ كَانَ لَهُ بَدَلٌ عَنْهُ تَعَذُّرُهُ فَلَهُ بَدَلٌ عِنْدَ فَسَادِ تَسْمِيَتِهِ هَذَا قِيَاسُ الْمَذْهَبِ وَلَوْ قِيلَ بِبُطْلَانِ النِّكَاحِ لَمْ يَبْعُدْ لِأَنَّ الْمُسَمَّى فَاسِدٌ لَا بَدَلَ لَهُ فَهُوَ

<<  <  ج: ص:  >  >>