للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الْعُرْسِ أَظْهَرُ وَوَقْتُ الْوَلِيمَةِ فِي حَدِيثِ زَيْنَبَ وَصِفَتُهُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ عَقِبَ الدُّخُولِ وَالْأَشْبَهُ جَوَازُ الْإِجَابَةِ لَا وُجُوبُهَا إذَا كَانَ فِي مَجْلِسِ الْوَلِيمَةِ مَنْ يَهْجُرُ وَأَعْدَلُ الْأَقْوَالِ أَنَّهُ إذَا حَضَرَ الْوَلِيمَةَ وَهُوَ صَائِمٌ إنْ كَانَ يَنْكَسِرُ قَلْبُ الدَّاعِي بِتَرْكِ الْأَكْلِ فَالْأَكْلُ أَفْضَلُ وَإِنْ لَمْ يَنْكَسِرْ قَلْبُهُ فَإِتْمَامُ الصَّوْمِ أَفْضَلُ وَلَا يَنْبَغِي لِصَاحِبِ الدَّعْوَةِ الْإِلْحَاحُ فِي الطَّعَامِ لَلْمَدْعُوِّ إذَا امْتَنَعَ فَإِنَّ كِلَا الْأَمْرَيْنِ جَائِزٌ فَإِذَا أَلْزَمَهُ بِمَا لَا يَلْزَمُهُ كَانَ مِنْ نَوْعِ الْمَسْأَلَةِ الْمَنْهِيِّ عَنْهَا وَلَا يَنْبَغِي لَلْمَدْعُوِّ إذَا رَأَى أَنَّهُ يَتَرَتَّبُ عَلَى امْتِنَاعِهِ مَفَاسِدُ أَنْ يَمْتَنِعَ فَإِنَّ فِطْرَهُ جَائِزٌ، فَإِنْ كَانَ تَرْكُ الْجَائِزِ مُسْتَلْزِمًا لِأُمُورٍ مَحْذُورَةٍ يَنْبَغِي أَنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ الْجَائِزَ وَرُبَّمَا يَصِيرُ وَاجِبًا وَإِنْ كَانَ فِي إجَابَةِ الدَّاعِي مَصْلَحَةُ الْإِجَابَةِ فَقَطْ وَفِيهَا مَفْسَدَةُ الشُّبْهَةِ فَالْمَنْعُ أَرْجَحُ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: هَذَا فِيهِ خِلَافٌ فِيمَا أَظُنُّهُ وَالدُّعَاءُ إلَى الْوَلِيمَةِ إذْنٌ فِي الْأَكْلِ وَالدُّخُولِ قَالَهُ فِي الْمُغْنِي وَقَالَ فِي الْمُحَرَّرِ لَا يُبَاحُ الْأَكْلُ إلَّا بِصَرِيحِ إذْنٍ أَوْ عُرْفٍ، وَكَلَامُ الشَّيْخِ عَبْدِ الْقَادِرِ يُوَافِقُهُ وَمَا قَالَاهُ مُخَالِفٌ قَالَهُ عَامَّةُ الْأَصْحَابِ: وَالْحُضُورُ مَعَ الْإِنْكَارِ الْمُزِيلِ عَلَى قَوْلِ عَبْدِ الْقَادِرِ هُوَ حَرَامٌ، وَعَلَى قَوْلِ الْقَاضِي وَالشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ هُوَ وَاجِبٌ وَإِلَّا قِيسَ بِكَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي التَّخْيِيرِ عِنْدَ الْمُنْكَرِ الْمَعْلُومِ غَيْرِ الْمَحْسُوسِ أَنْ يَتَخَيَّرَهُمَا أَيْضًا وَإِنْ كَانَ التَّرْكُ أَشْبَهَ بِكَلَامِهِ لِزَوَالِ الْمَفْسَدَةِ بِالْحُضُورِ وَالْإِنْكَارِ لَكِنْ لَا يَجِبُ لِمَا فِيهِ مِنْ تَكْلِيفِ الْإِنْكَارِ وَلِأَنَّ الدَّاعِيَ أَسْقَطَ حُرْمَتَهُ بِاِتِّخَاذِهِ الْمُنْكَرَ وَنَظِيرُ هَذَا إذَا مَرَّ بِمُتَلَبِّسٍ بِمَعْصِيَةٍ هَلْ يُسَلِّمُ عَلَيْهِ أَوْ يَتْرُكُ التَّسْلِيمَ وَإِنْ خَافُوا أَنْ يَأْتُوا بِالْمُحَرَّمِ وَلَمْ يَغْلِبْ عَلَى ظَنِّهِمْ أَحَدُ الطَّرَفَيْنِ فَقَدْ تَعَارَضَ الْمُوجِبُ وَهُوَ الدَّعْوَةُ وَالْمُبِيحُ وَهُوَ خَوْفُ شُهُودِ الْخَطِيئَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجِبَ لِأَنَّ الْمُوجِبَ لَمْ يَسْلَمْ عَنْ الْمُعَارِضِ الْمُسَاوِي وَلَا يَحْرُمُ لِأَنَّ الْمُحَرَّمَ كَذَلِكَ فَيَنْتَفِي الْوُجُوبُ وَالتَّحْرِيمُ وَيَنْبَغِي الْجَوَازُ.

وَنُصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ كُلُّهَا تَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ مِنْ اللُّبْثِ فِي الْمَكَانِ الْمُضِرِّ وَقَالَهُ الْقَاضِي وَهُوَ لَازِمٌ لِلشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ حَيْثُ جَزَمَ بِمَنْعِ اللُّبْثِ فِي مَكَان فِيهِ الْخَمْرُ وَآنِيَةُ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَلِذَلِكَ مَأْخَذَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ إقْرَارَ ذَلِكَ فِي الْمَنْزِلِ مُنْكَرٌ فَلَا يَدْخُلُ إلَى مَكَان فِيهِ ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا فَيَجُوزُ الدُّخُولُ إلَى دُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَكَنَائِسِهِمْ وَإِنْ كَانَتْ فِيهَا صُوَرٌ لِأَنَّهُمْ يَقَرُّونَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّهُمْ لَا يُنْهَوْنَ عَنْ ذَلِكَ كَمَا يُنْهَوْنَ عَنْ إظْهَارِ الْخَمْرِ وَبِهَذَا يَخْرُجُ الْجَوَابُ عَنْ جَمِيعِ مَا احْتَجَّ بِهِ أَبُو مُحَمَّدٍ وَيَكُونُ مَنْعُ الْمَلَائِكَةِ سَبَبًا لِمَنْعِ كَوْنِهَا فِي الْمَنْزِلِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ كَانَ فِي الدَّعْوَةِ كَلْبٌ لَا يَجُوزُ اقْتِنَاؤُهُ لَمْ تَدْخُلْ

<<  <  ج: ص:  >  >>