الْمَلَائِكَةُ أَيْضًا بِخِلَافِ الْجُنُبِ فَإِنَّ الْجُنُبَ لَا يَطُولُ بَقَاؤُهُ جُنُبًا فَلَا تَمْتَنِعُ الْمَلَائِكَةُ عَنْ الدُّخُولِ إذَا كَانَ هُنَاكَ زَمَنًا يَسِيرًا وَالثَّانِي أَنْ يَكُونَ نَفْسُ اللُّبْثِ مُحَرَّمًا أَوْ مَكْرُوهًا وَيُسْتَثْنَى مِنْ ذَلِكَ أَوْقَاتُ الْحَاجَةِ كَمَا فِي حَدِيثِ عُمَرَ وَغَيْرِهِ وَتَكُونُ الْعِلَّةُ مَا يَكْتَسِبُهُ الْمَنْزِلُ مِنْ الصُّورَةِ الْمُحَرَّمَةِ حَتَّى أَنَّهُ لَا يَدْخُلُ مَنَازِلَ أَهْلِ الذِّمَّةِ.
وَرَجَّحَ أَبُو الْعَبَّاسِ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ عَدَمَ الدُّخُولِ إلَى بِيعَةٍ فِيهَا صُوَرٌ وَأَنَّهَا كَالْمَسْجِدِ عَلَى الْقَبْرِ، وَالْكَنَائِسُ لَيْسَتْ مِلْكًا لِأَحَدٍ وَأَهْلُ الذِّمَّةِ لَيْسَ لَهُمْ مَنْعُ مَنْ يَعْبُدُ اللَّهَ فِيهَا لِأَنَّا لُحْنَاهُمْ عَلَيْهِ وَالْعَابِدُ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْغَافِلِينَ أَعْظَمُ أَجْرًا وَيَحْرُمُ شُهُودُ عِيدِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى وَنَقَلَهُ مُهَنَّا عَنْ أَحْمَدَ وَبِيعَةٍ لَهُمْ فِيهِ وَيَخْرُجُ مِنْ رِوَايَةٍ مَنْصُوصَةٍ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ فِي مَنْعِ التِّجَارَةِ إلَى دَارِ الْحَرْبِ إذَا لَمْ يُلْزِمُوهُ بِفِعْلِ مُحَرَّمٍ أَوْ تَرْكِ وَاجِبٍ وَيُنْكِرُ مَا يُشَاهِدُهُ مِنْ الْمُنْكَرِ بِحَسَبِهِ وَيُحَرِّمُ بَيْعَهُمْ مَا يَعْلَمُونَهُ كَنِيسَةً أَوْ تِمْثَالًا وَنَحْوَهُ وَكُلُّ مَا فِيهِ تَخَصُّصٌ لِعِيدِهِمْ أَوْ مَا هُوَ بِمَنْزِلَتِهِ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: لَا أَعْلَمُ خِلَافًا أَنَّهُ مِنْ التَّشَبُّهِ بِهِمْ وَالتَّشَبُّهُ بِهِمْ مَنْهِيٌّ عَنْهُ إجْمَاعًا وَتَجِبُ عُقُوبَةُ فَاعِلِهِ وَلَا يَنْبَغِي إجَابَةُ هَذِهِ الدَّعْوَةِ.
وَلَمَّا صَارَتْ الْعِمَامَةُ الصَّفْرَاءُ أَوْ الزَّرْقَاءُ مِنْ شِعَارِهِمْ حُرِّمَ لُبْسُهَا وَيُحَرَّمُ الْأَكْلُ وَالذَّبْحُ الزَّائِدُ عَلَى الْمُعْتَادِ فِي بَقِيَّةِ الْأَيَّامِ وَلَوْ الْعَادَةُ فِعْلُهُ أَوْ لِتَفْرِيحِ أَهْلِهِ وَيُعَزَّرُ إنْ عَادَ وَيُكْرَهُ مَوْسِمٌ خَاصٌّ: كَالرَّغَائِبِ، وَلَيْلَةِ الْقَدْرِ، وَلَيْلَةِ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ، وَهُوَ بِدْعَةٌ، وَأَمَّا مَا يُرْوَى فِي الْكُحْلِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ، أَوْ الْخِضَابِ أَوْ الِاغْتِسَالِ، أَوْ الْمُصَافَحَةِ، أَوْ مَسْحِ رَأْسِ الْيَتِيمِ، أَوْ أَكْلِ الْحُبُوبِ، أَوْ الذَّبْحِ، وَنَحْوِ ذَلِكَ: فَكُلُّ ذَلِكَ كَذِبٌ عَلَى النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَمِثْلُ ذَلِكَ بِدْعَةٌ لَا يُسْتَحَبُّ مِنْهُ شَيْءٌ عِنْدَ أَئِمَّةِ الدِّينِ، وَمَا يَفْعَلُهُ أَهْلُ الْبِدَعِ فِيهِ مِنْ النِّيَاحَةِ وَالنَّدْبِ وَالْمَأْتَمِ، وَسَبِّ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ - هُوَ أَيْضًا مِنْ أَعْظَمِ الْبِدَعِ وَالْمُنْكَرَاتِ وَكُلُّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، هَذَا وَهَذَا وَإِنْ كَانَ بَعْضُ الْبِدَعِ وَالْمُنْكَرَاتِ أَغْلَظُ مِنْ بَعْضٍ وَالْخِلَافُ فِي كُسْوَةِ الْحِيطَانِ إذَا لَمْ تَكُنْ حَرِيرًا أَوْ ذَهَبًا، فَأَمَّا الْحَرِيرُ وَالذَّهَبُ فَيَحْرُمُ كَمَا تَحْرُمُ سُيُورُ الْحَرِيرِ وَالذَّهَبِ عَلَى الرِّجَالِ وَالْحِيطَانِ وَالْأَثْوَابِ الَّتِي تَخْتَصُّ بِالْمَرْأَةِ فَفِي كَوْنِ سُتُورِهَا وَكُسْوَتِهَا كَفُرُشِهَا نَظَرٌ إذْ لَيْسَ هُوَ مِنْ اللِّبَاسِ وَلَا رَيْبَ فِي تَحْرِيمِ فُرُشِ الثِّيَابِ تَحْتَ دَابَّةِ الْأَمِيرِ لَا سِيَّمَا إنْ كَانَتْ خَزًّا أَوْ مَغْصُوبَةً وَرَخَّصَ أَبُو مُحَمَّدٍ سَتْرَ الْحِيطَانِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute