للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَالثَّانِي: مَا لَمْ يَحْصُلْ مَعَهُ غَرَضُهُ مِثْلُ أَنْ يَحْلِفَ لَيُعْطِيَنِّي أَلْفَ دِرْهَمٍ مِنْ هَذَا الْكِيسِ فَيَتَبَيَّنُ أَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ دَرَاهِمُ. فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ يَظْهَرُ فِيهِ جِدًّا أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّ مَقْصُودَهُ لَتَرُدَّنَّهُ إنْ كُنْت أَخَذْته وَهَذَا الشَّرْطُ وَإِنْ لَمْ يُذْكَرْ فِي اللَّفْظِ فَهُوَ قَطْعٌ.

وَالثَّانِي: فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ فِيهِ غَرَضُهُ لَكِنْ لَا غَرَضَ لَهُ مَعَ وُجُودِ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَيَصِيرُ كَأَنَّهُ لَمْ يَحْلِفْ عَلَيْهِ وَفِي الْأَوَّلِ يَحْصُلُ غَرَضُهُ مِنْهُ فَيَصِيرُ أَنَّهُ بِرٌّ بِالْفِعْلِ.

وَلَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ الْيَوْمَ إذَا جَاءَ غَدًا وَأَنَا مِنْ أَهْلِ الطَّلَاقِ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: فَإِنَّهُ يَقَعُ الطَّلَاقُ عَلَى مَا رَأَيْته لِأَنَّهُ مَا جَعَلَ هَذَا شَرْطًا يَتَعَلَّقُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ بِهِ فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ قَبْلَ مَوْتِي بِشَهْرٍ فَإِنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ مَوْتَهُ شَرْطًا يَقَعُ بِهِ الطَّلَاقُ عَلَيْهَا قَبْلَ شَهْرٍ وَإِنَّمَا رَتَّبَهُ فَوَقَعَ عَلَى مَا رَتَّبَ وَمَنْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى شَرْطٍ أَوْ الْتَزَمَهُ لَا يَقْصِدُ بِذَلِكَ إلَّا الْحَضَّ أَوْ الْمَنْعَ فَإِنَّهُ يُجْزِئُهُ فِيهِ كَفَّارَةُ يَمِينٍ إنْ حَنِثَ وَإِنْ أَرَادَ الْجَزَاءَ بِتَعْلِيقِهِ طَلُقَتْ كُرِهَ الشَّرْطُ أَوَّلًا، وَكَذَا الْحَلِفُ بِعِتْقٍ وَظِهَارٍ وَتَحْرِيمٍ وَعَلَيْهِ يَدُلُّ كَلَامُ أَحْمَدَ فِي نَذْرِ الْحَجِّ وَالْغَصْبِ.

وَقَوْلُهُ: هُوَ يَهُودِيٌّ إنْ فَعَلْت كَذَا، وَالطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي وَنَحْوُهُ يَمِينٌ بِاتِّفَاقِ الْعُقَلَاءِ وَالْفُقَهَاءِ وَالْأُمَمِ وَيَتَوَجَّهُ إذَا حَلَفَ لَيَفْعَلَنَّ كَذَا أَنَّ مُطْلَقَهُ يُوجِبُ فِعْلَ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ عَلَى الْفَوْرِ مَا لَمْ تَكُنْ قَرِينَةٌ تَقْتَضِي التَّأْخِيرَ لِأَنَّ الْأَيْمَانَ كَالْأَمْرِ فِي الشَّرِيعَةِ بِخِلَافِ قَوْلِهِ {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ} [الفتح: ٢٧] وَقَوْلُهُ {بَلَى وَرَبِّي لَتُبْعَثُنَّ} [التغابن: ٧] فَإِنَّ مَقْصُودَهُ الْخَبَرُ لَا الْحَضُّ، وَقَدْ يُجَابُ عَنْ هَذَا بِأَنَّ الْفَوْرَ مَا جَاءَ مِنْ جِهَةِ اللَّفْظِ بَلْ مِنْ جِهَةِ حُكْمِ الْأَمْرِ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: سُئِلْت عَمَّنْ قَالَ الطَّلَاقُ يَلْزَمُنِي مَا دَامَ فُلَانٌ فِي هَذَا الْبَلَدِ فَأَجَبْت أَنَّهُ إنْ قَصَدَ بِهِ الطَّلَاقَ إلَى حِينِ خُرُوجِهِ فَقَدْ وَقَعَ وَلَغَا التَّوْقِيتُ، وَهَذَا هُوَ الْوَضْعُ اللُّغَوِيُّ وَإِنْ قَصَدَ أَنْتِ طَالِقٌ إنْ دَامَ فُلَانٌ فَإِنْ خَرَجَ عَقِبَ الْيَمِينِ لَمْ يَحْنَثْ وَإِلَّا حَنِثَ وَهَذَا نَظِيرُ أَنْت طَالِقٌ إلَى شَهْرٍ.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ التَّمِيمِيُّ سُئِلْت عَنْ رَجُلٍ لَهُ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ قَالَ لِوَاحِدَةٍ مِنْهُنَّ وَهُوَ مُوَاجِهٌ لَهَا: مَنْ بَدَأْت بِطَلَاقِهَا مِنْكُنَّ فَعَبْدِي حُرٌّ، وَقَالَ لِلثَّانِيَةِ: إنْ طَلَّقْتُك فَعَبْدَانِ حُرَّانِ وَقَالَ لِلثَّالِثَةِ: إنْ طَلَّقْتُك فَثَلَاثٌ مِنْ عَبِيدِي أَحْرَارٌ وَقَالَ إنْ طَلَّقْت الرَّابِعَةَ فَأَرْبَعَةٌ

<<  <  ج: ص:  >  >>