للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ عَبِيدِي أَحْرَارٌ ثُمَّ طَلَّقَهُنَّ كَمْ يَعْتِقُ عَلَيْهِ. قَالَ: فَأَجَبْت عَلَى مَا حَضَرَ مِنْ الْحِسَابِ أَنَّهُ يَعْتِقُ عَلَيْهِ بِطَلَاقِهِ لَهُنَّ عَشَرَةُ أَعْبُدٍ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَمْ تَجْمَعْ الصِّفَاتِ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ وَلَكِنَّ طَلَاقَ كُلِّ وَاحِدَةٍ صِفَةٌ عَلَى انْفِرَادِهَا وَهَذَا اللَّفْظُ إذَا كَانَ قَدْ طَلَّقَهُنَّ مُتَفَرِّقَاتٍ فَالْمُتَوَجَّهُ أَنْ يَعْتِقَ عَشَرَةَ أَعْبُدٍ كَمَا قَالَ أَبُو الْحَسَنِ وَإِنْ طَلَّقَهُنَّ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ تَوَجَّهَ أَنْ يَعْتِقَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ عَبْدًا وَأَصَحُّ الطُّرُقِ فِي الِاكْتِفَاءِ بِبَعْضِ الصِّفَةِ أَنَّ الصِّفَةَ إنْ كَانَتْ حَضًّا وَمَنْعًا أَوْ تَصْدِيقًا أَوْ كَذِبًا فَهِيَ كَالْيَمِينِ وَإِلَّا فَهِيَ عِلَّةٌ مَحْضَةٌ فَلَا بُدَّ مِنْ وُجُودِهَا بِكَمَالِهَا.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: سُئِلْت عَمَّنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ ثَلَاثًا غَيْرَ الْيَوْمِ قَالَ فَقُلْت ظَاهِرُهُ وُقُوعُ الطَّلَاقِ فِي الْغَدِ لَكِنَّ كَثِيرًا مَا يَعْنِي بِهِ سِوَى هَذَا الزَّمَانِ وَهُوَ الَّذِي عَنَاهُ الْحَالِفُ فَإِنَّهُ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي وَقْتٍ آخَرَ وَعَلَى غَيْرِ هَذِهِ الْحَالِ أَوْ فِي سِوَى هَذِهِ الْمُدَّةِ وَنَوَى التَّأْخِيرَ فَإِنْ عَيَّنَ وَقْتًا بِعَيْنِهِ مِثْلَ وَقْتِ مَرَضٍ أَوْ فَقْرٍ أَوْ غَلَاءٍ أَوْ رُخْصٍ وَنَحْوِ ذَلِكَ تَقَيَّدَ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَنْوِ شَيْئًا فَهُوَ كَمَا لَوْ قَالَ أَنْتِ طَالِقٌ فِي زَمَانٍ مُتَرَاخٍ عَنْ هَذَا الْوَقْتِ فَيُشْبِهُ الْحِينَ إلَّا أَنَّ الْمُغَايَرَةَ قَدْ يُرَادُ بِهَا الْمُغَايَرَةُ الزَّمَانِيَّةُ وَقَدْ يُرَادُ بِهَا الْمُغَايِرَةُ الْحَالِيَّةُ وَاَلَّذِي عَنَاهُ الْحَالِفُ لَيْسَ مُعَيَّنًا فَهُوَ مُطْلَقٌ فَمَتَى تَغَيَّرَتْ الْحَالُ تَغَيُّرًا يُنَاسِبُ الطَّلَاقَ وَقَعَ وَإِنْ قَالَ أَنْت طَالِقٌ فِي أَوَّلِ شَهْرِ كَذَا طَلُقَتْ بِدُخُولِهِ وَقَالَهُ أَصْحَابُنَا وَكَذَا فِي غُرَّتِهِ وَرَأْسِهِ وَاسْتِقْبَالِهِ وَإِذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ مَعَ مَوْتِي أَوْ مَعَ مَوْتِك فَلَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ، نَقَلَهُ مُهَنَّا عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَجَزَمَ بِهِ الْأَصْحَابُ.

وَلَكِنْ يُتَوَجَّهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ حَامِدٍ أَنْ تَطْلُقَ لِأَنَّ صِفَةَ الطَّلَاقِ وَالْبَيْنُونَةِ إذَا وُجِدَتْ فِي زَمَنٍ وَاحِدٍ وَقَعَ الطَّلَاقُ، وَلَعَلَّ ابْنَ حَامِدٍ يُفَرِّقُ بِأَنَّ وُقُوعَ الطَّلَاقِ مَعَ الْبَيْنُونَةِ لَهُ فَائِدَةٌ وَهُوَ التَّحْرِيمُ أَوْ نَقْصُ الْعَدَدِ بِخِلَافِ الْبَيْنُونَةِ بِالْمَوْتِ.

وَلَوْ عَلَّقَ الطَّلَاقَ عَلَى صِفَاتٍ ثَلَاثٍ فَاجْتَمَعْنَ فِي عَيْنٍ وَاحِدَةٍ لَا تَطْلُقُ إلَّا طَلْقَةً وَاحِدَةً لِأَنَّهُ الْأَظْهَرُ فِي مُرَادِ الْحَالِفِ، وَالْعُرْفُ يَقْتَضِيه إلَّا أَنْ يَنْوِيَ خِلَافَهُ، وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ فِيمَنْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ أَنْت طَالِقٌ طَلْقَةً إنْ وَلَدْتِ ذَكَرًا أَوْ طَلْقَتَيْنِ إنْ وَلَدْت أُنْثَى فَوَلَدَتْ ذَكَرًا وَأُنْثَى أَنَّهُ عَلَى مَا نَوَى إنَّمَا أَرَادَ وِلَادَةً وَاحِدَةً.

وَأَنْكَرَ قَوْلَ سُفْيَانَ أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا بِالْأَوَّلِ مَا عَلَّقَ بِهِ وَتَبِينُ بِالثَّانِي وَلَا تَطْلُقُ بِهِ قَالَ

<<  <  ج: ص:  >  >>