اتِّفَاقِيًّا كَمَا يَقُولُهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَإِذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ شَيْئًا فَفَعَلَهُ نَاسِيًا لِيَمِينِهِ أَوْ جَاهِلًا بِأَنَّهُ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ وَلَوْ فِي الطَّلَاقِ وَالْعَتَاقِ وَغَيْرِهِمَا وَيَمِينُهُ بَاقِيَةٌ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ وَرُوَاتُهَا بِقَدْرِ رُوَاةِ التَّفْرِقَةِ وَيَدْخُلُ فِي هَذَا مَنْ فَعَلَهُ مُتَأَوِّلًا إمَّا تَقْلِيدًا لِمَنْ أَفْتَاهُ أَوْ مُقَلِّدًا لِعَالِمٍ مَيْتٍ مُصِيبًا كَانَ أَوْ مُخْطِئًا وَيَدْخُلُ فِي هَذَا إذَا خَالَعَ وَفَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ مُعْتَقِدًا أَنَّ الْفِعْلَ بَعْدَ الْخُلْعِ لَمْ تَتَنَاوَلْهُ يَمِينُهُ أَوْ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ نَاسِيًا أَوْ جَاهِلًا.
وَقَدْ ظَنَّ طَائِفَةٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ إذَا حَلَفَ بِالطَّلَاقِ عَلَى أَمْرِ مُعْتَقَدِهِ كَمَا حَلَفَ فَتَبَيَّنَ بِخِلَافِهِ أَنَّهُ يَحْنَثُ قَوْلًا وَاحِدًا وَهَذَا خَطَأٌ بَلْ الْخِلَافُ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَلَوْ حَلَفَ عَلَى نَفْسِهِ أَوْ غَيْرِهِ لَيَفْعَلَنَّ شَيْئًا فَجَهِلَهُ أَوْ نَسِيَهُ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَتَعَذَّرَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ لِعَدَمِ الْعِلْمِ أَوْ لِعَدَمِ الْقُدْرَةِ وَيُتَوَجَّهُ فِيمَا إذَا نَسِيَ الْيَمِينَ بِالْكُلِّيَّةِ أَنْ يَقْضِيَ الْفِعْلَ إنْ أَمْكَنَ قَضَاؤُهُ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ بِيَمِينِ الْحَالِفِ فَكَالنَّاسِي وَلَوْ حَلَفَ لَا يُزَوِّجُ بِنْتَه فَزَوَّجَهَا الْأَبْعَدُ أَوْ الْحَاكِمُ حَنِثَ إنْ تَسَبَّبَ فِي التَّزْوِيجِ وَإِنْ لَمْ يَتَسَبَّبْ فَلَا حِنْثَ إلَّا أَنَّهُ تَقْتَضِي النِّيَّةُ أَوْ التَّسَبُّبُ أَنَّ مَقْصُودَهُ أَنَّهُ لَا يُمَكِّنُهَا مِنْ التَّزْوِيجِ فَإِنْ قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ فَلَمْ يَمْنَعْهَا حَنِثَ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانَ الْمَقْصُودُ أَنَّهَا لَا تَتَزَوَّجُ حَنِثَ بِكُلِّ حَالٍ وَلَوْ حَلَفَ لَا يُعَامِلُ زَيْدًا وَلَا يَبِيعُهُ فَعَامَلَ وَكِيلَهُ أَوْ بَاعَهُ حَنِثَ وَمَتَى فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَى تَزْوِيجِهِ بِنَفْسِهِ أَوْ وَكِيلِهِ حَنِثَ. قَالَ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ فَإِنْ كَانَ بِيَدِ زَوْجَتِهِ تَمْرَةٌ، فَقَالَ إنْ أَكَلْتِيهَا فَأَنْتَ طَالِقٌ وَإِنْ لَمْ تَأْكُلِيهَا فَأَنْتَ طَالِقٌ فَأَكَلَتْ بَعْضَهَا حَنِثَ بِنَاءً عَلَى قَوْلِنَا فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَأْكُلَ هَذَا الرَّغِيفَ فَأَكَلَ بَعْضَهُ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: يَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ فِي مِثْلِ هَذِهِ الْيَمِينِ مِثْلُ قَوْلِهِ فَفِي مَسْأَلَةِ السُّلَّمِ وَهِيَ إنْ نَزَلَتْ أَوْ صَعِدَتْ أَوْ أَقَمْتِ فِي الْمَاءِ أَوْ خَرَجْت أَنْ يَحْنَثَ بِكُلِّ حَالٍ لِمَنْعِهِ لَهَا مِنْ الْأَكْلِ وَمِنْ تَرْكِهِ، فَكَأَنَّ الطَّلَاقَ مُعَلَّقٌ بِوُجُودِ الشَّيْءِ وَبِعَدَمِهِ فَوُجُودُ بَعْضِهِ وَعَدَمُ الْبَعْضِ لَا يَخْرُجُ عَنْ الصِّفَتَيْنِ كَمَا إذَا عَلَّقَ بِحَالِ الْوُجُودِ فَقَطْ أَوْ بِحَالِ الْعَدَمِ فَقَطْ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute