أَوْسَعُ مِنْهُ فِي الشَّاهِدِ بِدَلِيلِ التَّرْجَمَةِ وَالتَّعْرِيفِ بِالْحُكْمِ دُونَ الشَّهَادَةِ وَمَا بِهِ يَحْكُمُ أَوْسَعُ مِمَّا بِهِ يَشْهَدُ وَلَا تُشْتَرَطُ الْحُرِّيَّةُ فِي الْحَاكِمِ وَاخْتَارَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَابْنُ عَقِيلٍ قَالَ وَفِي الْمُحَرَّرِ وَفِي الْعَزْلِ حَيْثُ قُلْنَا بِهِ قَبْلَ الْعِلْمِ وَجْهَانِ كَالْوَكِيلِ.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: الْأَصْوَبُ أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ هُنَا وَإِنْ قُلْنَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ لِأَنَّ الْحَقَّ فِي الْوِلَايَةِ لِلَّهِ وَإِنْ قُلْنَا هُوَ وَكِيلٌ وَالنَّسْخُ فِي حُقُوقِ اللَّهِ لَا يَثْبُتُ قَبْلَ الْعِلْمِ كَمَا قُلْنَا عَلَى الْمَشْهُورِ إنَّ نَسْخَ الْحُكْمِ لَا يَثْبُتُ فِي حَقِّ مَنْ لَمْ يَبْلُغْهُ وَفَرَّقُوا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ بِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِي الْوَكِيلِ ثُبُوتُ الضَّمَانِ وَذَلِكَ لَا يُنَافِي الْجَهْلَ بِخِلَافِ الْحُكْمِ فَإِنَّ فِيهِ الْإِثْمَ وَذَلِكَ يُنَافِي الْجَهْلَ كَذَلِكَ الْأَمْرُ وَالنَّهْيُ وَهَذَا هُوَ الْمَنْصُوصُ عَنْ أَحْمَدَ. وَنَصَّ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى أَنَّ لِلْقَاضِي أَنْ يَسْتَخْلِفَ مِنْ غَيْرِ إذْنِ الْإِمَامِ فَرْقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْوَكِيلِ وَجَعْلًا لَهُ كَالْوَصِيِّ إلَّا أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ لِلْحَاكِمِ شِرَاءُ مَا يَحْتَاجُهُ فِي مَظِنَّةِ الْمُحَابَاةِ وَالِاسْتِغْلَالِ وَالتَّبَدُّلِ، قَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ قَاسَهُ الْمُخَالِفُ عَلَى الْوَصِيِّ فِي مُبَاشَرَةِ الْبَيْعِ فَإِنَّهُ لَا يُحَابِي فِي الْعَادَةِ وَالْقَاضِي بِخِلَافِهِ وَلَا يُكْرَهُ لَهُ الْبَيْعُ فِي مَجْلِسِ فُتْيَاهُ وَلَا يُكْرَهُ لَهُ قَبُولُ الْهَدِيَّةِ بِخِلَافِ الْقَاضِي.
قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: هَذَا فِيهِ نَظَرٌ وَتَفْصِيلٌ، فَإِنَّ الْعَالِمَ فِي هَدِيَّتِهِ وَمُعَامَلَتِهِ شَبِيهٌ بِالْقَاضِي، وَفِيهِ حِكَايَاتٌ عَنْ أَحْمَدَ وَالْعَالِمُ لَا يَعْتَاضُ عَلَى تَعْلِيمِهِ.
وَالْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ مَنْ يَصْلُحُ وَمَنْ لَا يَصْلُحُ وَالْمَجْهُولُ فَلَا يُرَدُّ مِنْ أَحْكَامِ مِنْ يَصْلُحُ إلَّا مَا عُلِمَ أَنَّهُ بَاطِلٌ وَلَا يَنْفُذُ مِنْ أَحْكَامِ مِنْ لَا يَصْلُحُ إلَّا مَا عُلِمَ أَنَّهُ حَقٌّ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْمُغْنِي وَغَيْرُهُ إنْ كَانَ تَوْلِيَتُهُ ابْتِدَاءً، وَأَمَّا الْمَجْهُولُ فَيُنْظَرُ فِيمَنْ وَلَّاهُ، وَإِنْ كَانَ يُوَلِّي هَذَا تَارَةً وَهَذَا تَارَةً نَفَذَ مَا كَانَ حَقًّا وَرُدَّ الْبَاطِلُ، وَالْبَاقِي مَوْقُوفٌ، وَبَيِّنٌ لَا يَصْلُحُ إذًا لِلضَّرُورَةِ فَفِيهِ مَسْأَلَتَانِ: إحْدَاهُمَا: عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ مَنْ لَا يَصْلُحُ تُنْقَضُ جَمِيعُ أَحْكَامِهِ هَلْ تُرَدُّ أَحْكَامُ هَذَا كُلُّهَا أَمْ يُرَدُّ مَا لَمْ يَكُنْ صَوَابًا. وَالثَّانِي الْمُخْتَارُ لِأَنَّهَا وِلَايَةٌ شَرْعِيَّةٌ.
وَالثَّانِيَةُ: هَلْ تَنْفُذُ الْمُجْتَهِدَاتُ مِنْ أَحْكَامِهِ أَمْ يَتَعَقَّبُهَا الْعَالِمُ الْعَادِلُ هَذَا فِيهِ نَظَرٌ. وَإِنْ أَمْكَنَ الْقَاضِي أَنْ يُرْسِلَ إلَى الْغَائِبِ رَسُولًا وَيَكْتُبَ إلَيْهِ الْكِتَابَ وَالدَّعْوَى وَيُجَابَ عَنْ الدَّعْوَى بِالْكِتَابِ وَالرَّسُولِ فَهَذَا هُوَ الَّذِي يَنْبَغِي كَمَا فَعَلَ النَّبِيُّ
بِمُكَاتَبَةِ الْيَهُودِ لَمَّا ادَّعَى الْأَنْصَارِيُّ، عَلَيْهِمْ قَتْلَ صَاحِبِهِمْ وَكَاتِبِهِمْ وَلَمْ يُحْضِرُوهُ، وَهَكَذَا يَنْبَغِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute