للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَحْسَنَ وَإِلَّا لَمْ تَجُزْ الِاسْتِنَابَةُ.

وَإِذَا حَكَمَ أَحَدُ الْخَصْمَيْنِ خَصْمَهُ جَازَ لِقِصَّةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَكَذَا مُفْتٍ فِي مَسْأَلَةٍ اجْتِهَادِيَّةٍ وَهَلْ يَفْتَقِرُ ذَلِكَ إلَى تَعْيِينِ الْخَصْمَيْنِ أَوْ حُضُورِهِمَا أَوْ يَكْفِي وَصْفُ الْقِصَّةِ لَهُ الْأَشْبَهُ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ بَلْ إذَا تَرَاضَيَا بِقَوْلِهِ فِي قَضِيَّةٍ مَوْصُوفَةٍ مُطَابِقَةٍ لِقَضِيَّتِهِمْ فَقَدْ لَزِمَهُ فَإِنْ أَرَادَ أَحَدُهُمَا الِامْتِنَاعَ فَإِنْ كَانَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فَيَنْبَغِي جَوَازُهُ وَإِنْ كَانَ بَعْدَ الشُّرُوعِ لَمْ يَمْلِكْ الِامْتِنَاعَ لِأَنَّهُ إذَا اسْتَشْعَرَ بِالْغَلَبَةِ امْتَنَعَ فَلَا يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ.

قَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ وَعَلَى أَنَّ الْحُدُودَ تَدْخُلُ فِي وِلَايَةِ الْقَضَاءِ فَمَنْ لَا يَصْلُحُ لِبَعْضِ مَا تَتَضَمَّنُهُ الْوِلَايَةُ لَا يَصْلُحُ لِشَيْءٍ مِنْهَا وَلَا تَنْعَقِدُ الْوِلَايَةُ لَهُ.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَكَلَامُ أَحْمَدَ فِي تَزْوِيجِ الدُّهْقَانِ وَتَزْوِيجِ الْوَالِي صَاحِبَ الْحَسِيرِ يُخَالِفُ هَذَا وَوِلَايَةُ الْقَضَاءِ يَجُوزُ تَبْعِيضُهَا وَلَا يَجِبُ أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِمَا فِي وِلَايَتِهِ فَإِنَّ مَنْصِبَ الِاجْتِهَادِ يَنْقَسِمُ حَتَّى لَوْ وَلَّاهُ فِي الْمَوَارِيثِ لَمْ يَجِبْ أَنْ يَعْرِفَ إلَّا الْفَرَائِضَ وَالْوَصَايَا وَمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ وَإِنْ وَلَّاهُ عَقْدَ الْأَنْكِحَةِ وَفَسْخَهَا لَمْ يَجِبْ أَنْ يَعْرِفَ إلَّا ذَلِكَ وَعَلَى هَذَا فَقُضَاةُ الْأَطْرَافِ يَجُوزُ أَنْ لَا يَقْضِيَ فِي الْأُمُورِ الْكِبَارِ وَالدِّمَاءِ وَالْقَضَايَا الْمُشْكِلَةِ وَعَلَى هَذَا فَلَوْ قَالَ اقْضِ فِيمَا تَعْلَمُ كَمَا يَقُولُ لَهُ أَفْتِ فِيمَا تَعْلَمُ جَازَ وَيَبْقَى مَا لَا يَعْلَمُ خَارِجًا عَنْ وِلَايَتِهِ كَمَا يَقُولُ فِي الْحَاكِمِ الَّذِي يَنْزِلُ عَلَى حُكْمِهِ الْكُفَّارُ وَفِي الْحَاكِمِ فِي جَزَاءِ الصَّيْدِ قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَغَيْرِهِ

وَيُشْتَرَطُ فِي الْقَاضِي عَشْرُ صِفَاتٍ.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: هَذَا الْكَلَامُ إنَّمَا اشْتَرَطْت هَذِهِ الصِّفَاتِ فِيمَنْ يُوَلَّى لَا فِيمَنْ يَحْكُمُهُ الْخَصْمَانِ وَذَكَرَ الْقَاضِي أَنَّ الْأَعْمَى لَا يَجُوزُ قَضَاؤُهُ وَذِكْرُهُ مَحَلُّ وِفَاقٍ قَالَ وَعَلَى أَنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ أَنْ يَقُولَ إذَا تَحَاكَمَا بِهِ وَرَضِيَا بِهِ جَازَ حُكْمُهُ.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: هَذَا الْوَجْهُ قِيَاسُ الْمَذْهَبِ كَمَا يَجُوزُ شَهَادَةُ الْأَعْمَى إذْ لَا يَعُوزُهُ إلَّا مَعْرِفَةُ عَيْنِ الْخَصْمِ وَلَا يَحْتَاجُ إلَى ذَلِكَ بَلْ يَقْضِي عَلَى مَوْصُوفٍ كَمَا قَضَى دَاوُد بَيْنَ الْمَالِكَيْنِ وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يَصِحَّ مُطْلَقًا وَيُعْرَفُ بِأَعْيَانِ الشُّهُودِ وَالْخُصُومِ كَمَا يُعْرَفُ بِمَعَانِي كَلَامِهِمْ فِي التَّرْجَمَةِ إذْ مَعْرِفَةُ كَلَامِهِ وَعَيْنِهِ سَوَاءٌ وَكَمَا يَجُوزُ أَنْ يَقْضِيَ عَلَى غَائِبٍ بِاسْمِهِ وَنَسَبِهِ وَأَصْحَابُنَا قَاسُوا شَهَادَةَ الْأَعْمَى عَلَى الشَّهَادَةِ عَلَى الْغَائِبِ وَالْمَيِّتِ وَأَكْثَرُ مَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ عِنْدَ الرِّوَايَةِ، وَالْحُكْمُ لَا يَفْتَقِرُ إلَى الرُّؤْيَةِ بَلْ هَذَا فِي الْحَاكِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>