للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَقَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: فِي مَوْضِعٍ آخَرَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهِ وَإِنَّ أَحْمَدَ نَصَّ عَلَيْهِ وَلَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِي عَدَالَتِهِ بِلَا نِزَاعٍ.

وَكَرِهَ الْعُلَمَاءُ الْأَخْذَ بِالرُّخَصِ وَلَا يَجُوزُ التَّقْلِيدُ مَعَ مَعْرِفَةِ الْحُكْمِ اتِّفَاقًا وَقَبْلَهُ لَا يَجُوزُ عَلَى الْمَشْهُورِ إلَّا أَنْ يَضِيقَ الْوَقْتُ فَفِيهِ وَجْهَانِ أَوْ يَعْجِزَ عَنْ مَعْرِفَةِ الْحَقِّ بِتَعَارُضِ الْأَدِلَّةِ فَفِيهِ وَجْهَانِ فَهَذِهِ أَرْبَعُ مَسَائِلَ وَالْعَجْزُ قَدْ يَعْنِي بِهِ الْعَجْزَ الْحَقِيقِيَّ وَقَدْ يَعْنِي بِهِ الْمَشَقَّةَ الْعَظِيمَةَ وَالصَّحِيحُ الْجَوَازُ فِي هَذَيْنِ الْمَوْضِعَيْنِ.

وَالْقَضَاءُ نَوْعَانِ إخْبَارٌ هُوَ إظْهَارٌ وَإِبْدَاءٌ؛ وَأَمْرٌ هُوَ إنْشَاءٌ وَابْتِدَاءٌ.

فَالْخَبَرُ ثَبَتَ عِنْدِي وَيَدْخُلُ فِيهِ خَبَرُهُ عَنْ حِكْمَةٍ وَعَنْ عَدَالَةِ الشُّهُودِ وَعَنْ الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ. وَالْآخَرُ وَهُوَ حَقِيقَةُ الْحُكْمِ أَمْرٌ وَنَهْيٌ وَإِبَاحَةٌ وَيَحْصُلُ بِقَوْلِهِ: أَعْطِهِ وَلَا تُكَلِّمْهُ أَوْ الْزَمْهُ وَبِقَوْلِهِ حَكَمْت وَأَلْزَمْت.

قَالَ الْحَاكِمُ: ثَبَتَ عِنْدِي بِشَهَادَتِهِمَا فَهَذَا فِيهِ وَجْهَانِ أَحَدُهُمَا أَنَّ ذَلِكَ حُكْمٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ عَقِيلٍ وَغَيْرُهُ. وَفِعْلُ الْحَاكِمِ حُكْمٌ فِي أَصَحِّ الْوَجْهَيْنِ فِي مَذْهَبِ أَحْمَدَ وَغَيْرِهِ وَالْوَكَالَةُ يَصِحُّ قَبُولُهَا عَلَى الْفَوْرِ وَالتَّرَاخِي بِالْقَوْلِ وَالْفِعْلِ وَالْوِلَايَةِ نَوْعٌ مِنْهَا قَالَ الْقَاضِي فِي التَّعْلِيقِ إذَا اسْتَأْذَنَ امْرَأَةً فِي غَيْرِ عَمَلِهِ لِيُزَوِّجَهَا فَأَذِنَتْ لَهُ فَزَوَّجَهَا فِي عَمَلِهِ لَمْ يَصِحَّ الْعَقْدُ لِأَنَّ إذْنَهَا يَتَعَلَّقُ بِالْحُكْمِ وَحُكْمُهُ فِي غَيْرِ عَمَلِهِ لَا يَنْفُذُ، فَإِنْ قَالَتْ إذَا حَصَلْت فِي عَمَلِك فَقَدْ أَذِنْت لَك فَزَوَّجَهَا فِي عَمَلِهِ صَحَّ بِنَاءً عَلَى جَوَازِ تَعْلِيقِ الْوَكَالَةِ بِالشَّرْطِ وَمَنْ شَرَطَ جَوَازَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا أَنْ تَكُونَ فِي عَمَلِهِ حِينَ الْعَقْدِ عَلَيْهَا فَإِنْ كَانَتْ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ لَمْ يَصِحَّ عَقْدُهُ لِأَنَّهُ حُكْمٌ عَلَى مَنْ لَيْسَ فِي عَمَلِهِ.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَقُولَ زَوِّجْنِي إذَا صِرْت فِي عَمَلِك أَوْ إذَا صِرْت فِي عَمَلِك فَزَوِّجْنِي لِأَنَّ تَقْيِيدَ الْوَكَالَةِ أَحْسَنُ حَالًا مِنْ تَعْلِيقِهَا نَعَمْ لَوْ قَالَتْ زَوِّجْنِي الْآنَ أَوْ فَهِمَ ذَلِكَ مِنْ إذْنِهَا فَهُنَا أَذِنَتْ لِغَيْرِ قَاضٍ وَهَذَا هُوَ مَقْصُودُ الْقَاضِي. قَالَ فِي الْمُحَرَّرِ وَيَجُوزُ أَنْ يُوَلِّيَ قَاضِيَيْنِ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ وَقِيلَ إنْ وَلَّاهُمَا فِيهِ عَمَلًا وَاحِدًا لَمْ يَجُزْ. قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: تَوْلِيَةُ قَاضِيَيْنِ فِي بَلَدٍ وَاحِدٍ إمَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى سَبِيلِ الِاجْتِمَاعِ بِحَيْثُ لَيْسَ لِأَحَدِهِمَا الِانْفِرَادُ كَالْوَصِيَّيْنِ وَالْوَكِيلَيْنِ وَإِمَّا عَلَى طَرِيقِ الِانْفِرَادِ. أَمَّا الْأَوَّلُ فَلَيْسَ هُوَ مَسْأَلَةَ الْكِتَابِ وَلَا مَانِعَ مِنْهُ إذَا كَانَ فَوْقَهُمَا مِنْ يَرُدُّ مَوَاضِعَ تَنَازُعِهِمَا وَأَمَّا الثَّانِي فَهُوَ مَسْأَلَةُ الْكِتَابِ.

وَتَثْبُتُ وِلَايَةُ الْقَضَاءِ بِالْأَخْبَارِ وَقِصَّةُ وِلَايَةِ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ هَكَذَا كَانَتْ. وَإِذَا اسْتَنَابَ الْحَاكِمُ فِي الْحُكْمِ مِنْ غَيْرِ مَذْهَبِهِ إنْ كَانَ لِكَوْنِهِ أَرْجَحَ فَقَدْ

<<  <  ج: ص:  >  >>