للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سَيِّدِهِ لِأَنَّ فِي ثُبُوتِ نِكَاحِ الْعَبْدِ ضَرَرًا عَلَيْهِ فَلَا يُقْبَلُ إلَّا بِتَصْدِيقِ السَّيِّدِ. قَالَ وَإِنْ أَقَرَّ لِعَبْدِ غَيْرِهِ بِمَالٍ صَحَّ وَكَانَ لِسَيِّدِهِ.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: وَإِذَا قُلْنَا يَصِحُّ قَبُولُ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ بِدُونِ إذْنِ السَّيِّدِ لَمْ يَفْتَقِرْ الْإِقْرَارُ إلَى تَصْدِيقِ السَّيِّدِ، وَقَدْ يُقَالُ بَلْ وَإِنْ لَمْ تَقُلْ بِذَلِكَ لِجَوَازِ أَنْ يَكُونَ قَدْ يَمْلِكُ مُبَاحًا فَأَقَرَّ بِعَيْنِهِ أَوْ تَلَفِهِ وَتُضْمَنُ قِيمَتُهُ.

وَإِذَا حَجَرَ الْمَوْلَى عَلَى الْمَأْذُونِ لَهُ فَأَقَرَّ بَعْدَ الْحَجْرِ قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ لَا يُقْبَلُ وَقِيَاسُ الْمَذْهَبِ تَتَبَعَّضُ، وَمَتَى ثَبَتَ نَسَبُ الْمُقَرُّ لَهُ مِنْ الْمُقِرِّ ثُمَّ رَجَعَ الْمُقِرُّ وَصَدَّقَهُ الْمُقَرُّ لَهُ هَلْ يُقْبَلُ رُجُوعُهُ؛ فِيهِ وَجْهَانِ حَكَاهُمَا فِي الْكَافِي.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: إنْ جَعَلَ النَّسَبَ فِيهِ حَقًّا لِلَّهِ تَعَالَى فَهُوَ كَالْجِزْيَةِ وَإِنْ جَعَلَ حَقَّ آدَمِيٍّ فَهُوَ كَالْمَالِ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ حَقُّ الْآدَمِيِّ كَالْوَلَاءِ ثُمَّ إذَا قَبِلَ الرُّجُوعَ عَنْهُ فَحَقُّ الْأَقَارِبِ الثَّابِتِ مِنْ الْمَحْرَمِيَّةِ وَنَحْوِهَا هَلْ يَزُولُ أَوْ يَكُونُ كَالْإِقْرَارِ بِالرِّقِّ، تَرَدَّدَ نَظَرُ أَبِي الْعَبَّاسِ فِي ذَلِكَ.

فَأَمَّا إنْ ادَّعَى نَسَبًا، وَلَمْ يَثْبُتْ لِعَدَمِ تَصْدِيقِ الْمُقَرِّ لَهُ أَوْ قَالَ أَنَا فُلَانُ ابْنُ فُلَانٍ وَانْتَسَبَ إلَى غَيْرِ مَعْرُوفٍ أَوْ قَالَ لَا أَبَ لِي أَوْ لَا نَسَبَ لِي ثُمَّ ادَّعَى بَعْدَ هَذَا نَسَبًا آخَرَ أَوْ ادَّعَى أَنَّ لَهُ أَبًا، لَقَدْ ذَكَرَ الْأَصْحَابُ فِي بَابِ مَا عُلِّقَ مِنْ النَّسَبِ أَنَّ الْأَبَ إذَا اعْتَرَفَ بِالِابْنِ بَعْدَ نَفْيِهِ قُبِلَ مِنْهُ فَكَذَلِكَ غَيْرُهُ لِأَنَّ هَذَا النَّفْيَ وَالْإِقْرَارَ بِمَحَلٍّ وَمُنْكَرٍ لَمْ يَثْبُتْ بِهِ نَسَبٌ فَيَكُونُ إقْرَارُهُ بَعْدَ ذَلِكَ مَقْبُولًا كَمَا قُلْنَا فِيمَا إذَا أَقَرَّ بِمَا لِمُكَذِّبٍ إذَا لَمْ يَجْعَلْهُ لِيُثْبِتَ الْمَالَ فَإِنَّهُ إذًا إذَا ادَّعَى الْمُقِرُّ بَعْدَ هَذَا أَنَّهُ مَلَكَهُ قُبِلَ مِنْهُ وَإِنْ كَانَ الْمُقَرُّ بِهِ رِقَّ نَفْسِهِ فَهُوَ كَغَيْرِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِقْرَارَ الْمُكَذَّبَ وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ.

وَهُنَاكَ عَلَى الْوَجْهِ الْآخَرِ يَجْعَلُهُ بِمَنْزِلَةِ الْمَالِ الضَّائِعِ أَوْ الْمَجْهُولِ فَيَحْكُمُ بِالْجِزْيَةِ وَبِالْمَالِ لِيُثْبِتَ الْمَالَ وَهُنَا يَكُونُ بِمَنْزِلَةِ مَجْهُولٍ يُنْسَبُ فَيُقْبَلُ بِهِ الْإِقْرَارُ ثَانِيًا وَسِرُّ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الرُّجُوعَ عَنْ الدَّعْوَى مَقْبُولٌ، وَالرُّجُوعَ عَنْ الْإِقْرَارِ غَيْرُ مَقْبُولٍ وَالْإِقْرَارُ الَّذِي لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهِ حَقُّ اللَّهِ وَلَا الْآدَمِيِّ هُوَ مِنْ بَابِ الدَّعَاوَى فَيَصِحُّ الرُّجُوعُ عَنْهُ، وَمَنْ أَقَرَّ بِطِفْلٍ لَهُ أُمٌّ فَجَاءَتْ أُمُّهُ بَعْدَ مَوْتِ الْمُقِرِّ تَدَّعِي زَوْجِيَّتَهُ فَالْأَشْبَهُ بِكَلَامِ أَحْمَدَ ثُبُوتُ الزَّوْجِيَّةِ فَهُنَا حُمِلَ عَلَى الصِّحَّةِ وَخَالَفَ الْأَصْحَابُ فِي ذَلِكَ وَمَنْ أَقَرَّ بِقَبْضِ ثَمَنٍ أَوْ

<<  <  ج: ص:  >  >>