للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَكَذَلِكَ الْإِقْرَارُ بِعِوَضِ الْخُلْعِ لَوْ قَالَتْ إنْ طَلَّقَنِي أَوْ إنْ عَفَا عَنِّي فَلَهُ عِنْدِي أَلْفٌ. وَأَمَّا التَّعْلِيقُ بِالشَّهَادَةِ فَقَدْ يُشْبِهُ التَّحْكِيمَ. وَلَوْ قَالَ إنْ حَكَمْتَ عَلَيَّ بِكَذَا الْتَزَمْتُهُ لَزِمَهُ عِنْدَنَا فَلِذَلِكَ قَدْ يَرْضَى بِشَهَادَتِهِ وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ الْتِزَامٌ وَتَزْكِيَةٌ لِلشَّاهِدِ وَرَضِيَ بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ وَإِذَا أَقَرَّ الْعَامِّيُّ بِمَضْمُونٍ مَحْضٍ وَادَّعَى عَدَمَ الْعِلْمِ بِدَلَالَةِ اللَّفْظِ وَمِثْلُهُ يَجْهَلُهُ قُبِلَ مِنْهُ عَلَى الْمَذْهَبِ وَإِذَا أَقَرَّ لِغَيْرِهِ بِعَيْنٍ لَهُ فِيهَا حَقٌّ لَا يَثْبُتُ إلَّا بِرِضَا الْمَالِكِ كَالرَّهْنِ وَالْإِجَارَةِ وَلَا بَيِّنَةَ قَالَ الْأَصْحَابُ يُقْبَلُ وَيُتَوَجَّهُ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ مَا تَضَمَّنَ مَا يُوجِبُ تَسْلِيمَ الْعَيْنِ أَوْ الْمَنْفَعَةِ فَمَا أَقَرَّ مَا يُوجِبُ التَّسْلِيمَ كَمَا فِي قَوْلِهِ كَانَ لَهُ عَلَيَّ وَقَضَيْتُهُ وَلِأَنَّا نُجَوِّزُ مِثْلَ هَذَا الِاسْتِثْنَاءِ فِي الْإِنْشَاءَاتِ فِي الْبَيْعِ وَنَحْوِهِ فَكَذَلِكَ فِي الْإِقْرَارَاتِ، وَالْقُرْآنُ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فِي آيَةِ الدَّيْنِ وَكَذَا لَوْ أَقَرَّ بِفِعْلٍ وَادَّعَى إذْنَ الْمَالِكِ وَالِاسْتِثْنَاءُ يَمْنَعُ دُخُولَ الْمُسْتَثْنَى فِي اللَّفْظِ لِأَنَّهُ يُخْرِجُهُ بَعْدَ مَا دَخَلَ فِي الْأَصَحِّ.

قَالَ الْقَاضِي: ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ جَوَازُ اسْتِثْنَاءِ النِّصْفِ لِأَنَّ أَبَا مَنْصُورٍ رَوَى عَنْ أَحْمَدَ إذَا قَالَ كَانَ لَك عِنْدِي مِائَةُ دِينَارٍ فَقَضَيْتُكَ مِنْهَا خَمْسِينَ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا بَيِّنَةٌ فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ.

قَالَ أَبُو الْعَبَّاسِ: لَيْسَ هَذَا مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ فَإِنَّ قَوْلَهُ قَضَيْتُكَ سِتِّينَ مِثْلُ خَمْسِينَ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ إذَا قَالَ لَهُ عَلَيَّ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا لَزِمَهُ أَحَدَ عَشَرَ دِرْهَمًا وَإِنْ قَالَ كَذَا وَكَذَا دِرْهَمًا لَزِمَهُ إحْدَى وَعِشْرِينَ وَإِنْ قَالَ كَذَا دِرْهَمًا لَزِمَهُ عِشْرُونَ وَمَا قَالَهُ أَبُو حَنِيفَةَ أَقْرَبُ مِمَّا قَالَهُ أَصْحَابُنَا فَإِنَّ أَصْحَابَنَا بَنَوْهُ عَلَى أَنَّ كَذَا وَكَذَا تَأْكِيدًا وَهُوَ خِلَافٌ لِأَنَّهُ يَكْفِيهِ أَنْ يَقُولَ كَذَا دِرْهَمًا لَمَّا كَانَ فِي أَرَادَ دِرْهَمًا وَأَيْضًا لَوْ لَغَتْ الْعَرَبُ هُوَ خِلَافٌ لَا النَّصْبُ ثُمَّ يَقْتَضِي الرَّفْعَ لَهُمَا وَهَذَا مِثْلُ التَّرْجَمَةِ وَأَنَّ الدِّرْهَمَ الْمَعْرُوفَ الظَّاهِرُ أَنْ يَقُولَ دِرْهَمٌ وَالْوَاجِبُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ الَّذِي يَتَّصِلُ أَحَدُهُمَا بِالْأَرْضِ عَادَةً كَالْقِرَابِ فِي السَّيْفِ وَالْخَاتَمِ فِي الْفَصِّ لِأَنَّ ذَلِكَ إقْرَارٌ بِهِمَا وَكَذَلِكَ الزَّيْتُ فِي الزَّقِّ وَالتَّمْرَةِ فِي الْجِرَابِ وَلَوْ قَالَ غَصَبْتُهُ ثَوْبًا فِي مِنْدِيلٍ كَانَ إقْرَارًا بِهِمَا لَا لَهُ عِنْدِي ثَوْبٌ فِي مِنْدِيلٍ فَإِنَّهُ إقْرَارٌ بِالثَّوْبِ خَاصَّةً وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>