وَمَالِكَ بْنَ أَبِي مَرْيَمَ مِنْ قُدَمَاءِ الشَّامِيِّينَ. وَلِهَذَا الْحَدِيثِ أَصْلٌ فِي الصَّحِيحِ
، قَالَ الْبُخَارِيُّ: قَالَ هِشَامُ بْنُ عَمَّارٍ: حَدَّثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ عَطِيَّةَ بْنِ قَيْسٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ غَنْمٍ الْأَشْعَرِيِّ، حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ وَأَبُو مَالِكٍ الْأَشْعَرِيُّ، وَاَللَّهِ مَا كَذَبَنِي سَمِعَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْخَزَّ وَالْحَرِيرَ وَالْخَمْرَ وَالْمَعَازِفَ وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ إلَى جَنْبِ عَلَمٍ تَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَةٌ لَهُمْ يَأْتِيهِمْ رَجُلٌ لِحَاجَةٍ فَيَقُولُونَ ارْجِعْ إلَيْنَا غَدًا فَيُبَيِّتُهُمْ اللَّهُ وَيَضَعُ الْعَلَمَ وَيَمْسَخُ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ» . هَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ تَعْلِيقًا مَجْزُومًا بِهِ، وَعُرْفُهُ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُعَلَّقَةِ إذَا قَالَ: قَالَ فُلَانٌ كَذَا، فَهُوَ مِنْ الصَّحِيحِ الْمَشْرُوطِ، وَإِنَّمَا لَمْ يُسْنِدْهُ، لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عِنْدَهُ بَازِلًا أَوْ لَا يَذْكُرُ مَنْ سَمِعَهُ مِنْهُ مَعَ عِلْمِهِ بِاشْتِهَارِ الْحَدِيثِ عَنْ ذَلِكَ الرَّجُلِ، أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ.
وَلِهَذَا نَظَائِرُ فِي الصَّحِيحِ، وَإِذَا قَالَ: رُوِيَ عَنْ فُلَانٍ أَوْ يَذْكُرُهُ لَمْ يَكُنْ مِنْ شَرْطِ كِتَابِهِ لَكِنْ يَكُونُ مِنْ الْحَسَنِ وَنَحْوِهِ. وَقَدْ رَوَاهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ، وَالْبَرْقَانِيُّ فِي صَحِيحَيْهِمَا الْمُخَرَّجَيْنِ عَلَى الصَّحِيحِ بِهَذَا الْإِسْنَادِ. لَكِنْ فِي لَفْظٍ لَهُمَا: «تَرُوحُ عَلَيْهِمْ سَارِحَةٌ لَهُمْ وَيَأْتِيهِمْ رَجُلٌ لِحَاجَةٍ» .
وَفِي رِوَايَةٍ: «فَيَأْتِيهِمْ طَالِبُ حَاجَةٍ فَيَقُولُونَ» إلَى آخِرِهِ. وَفِي رِوَايَةٍ: حَدَّثَنِي أَبُو عَامِرٍ الْأَشْعَرِيُّ، وَلَمْ يَشُكَّ وَهَذَا مَعَ الْحَدِيثِ الْأَوَّلِ يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ غَنْمٍ سَمِعَ الْحَدِيثَ مِنْهُمَا وَلِكُلٍّ مِنْهُمَا لَفْظٌ، وَقَدْ رَوَى أَبُو دَاوُد كِلَا الْحَدِيثَيْنِ، لَكِنْ رَوَى الثَّانِيَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ، عَنْ أَبِي مَالِكٍ، أَوْ أَبِي عَامِرٍ، وَلَفْظُهُ: «لَيَكُونَنَّ مِنْ أُمَّتِي أَقْوَامٌ يَسْتَحِلُّونَ الْخَزَّ وَالْحَرِيرَ» .
وَذَكَرَ كَلَامًا قَالَ: «يَمْسَخُ مِنْهُمْ آخَرِينَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ»
، وَالْخَزُّ - بِالْخَاءِ وَالزَّايِ الْمُعْجَمَتَيْنِ - وَسَوَاءٌ عِنْدَ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ هُنَا نَوْعٌ مِنْ الْحَرِيرِ، وَلَيْسَ هُوَ الْخَزَّ الْمَأْذُونَ فِي لُبْسِهِ الْمَنْسُوجَ مِنْ صُوفٍ وَحَرِيرٍ.
وَقَوْلُهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «وَلَيَنْزِلَنَّ أَقْوَامٌ» يَعْنِي: مِنْ هَؤُلَاءِ الْمُسْتَحِلِّينَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute