فَقَالَ: إنَّ اللَّهَ لَا يُخْدَعُ هَذَا مِمَّا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ. ذَكَرَهُ عَنْهُ أَبُو الْخَطَّابِ فِي خِلَافِهِ.
وَالْأَثَرُ الْمَعْرُوفُ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ عَنْ امْرَأَتِهِ، أَنَّهَا دَخَلَتْ عَلَى عَائِشَةَ هِيَ، وَأُمُّ وَلَدِ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ وَامْرَأَةٌ أُخْرَى، فَقَالَتْ لَهَا أُمُّ وَلَدِ زَيْدٍ: إنِّي بِعْت مِنْ زَيْدٍ غُلَامًا بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ نَسِيئَةً وَاشْتَرَيْته بِسِتِّمِائَةٍ نَقْدًا، فَقَالَتْ: أَبْلِغِي زَيْدًا أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا أَنْ يَتُوبَ بِئْسَ مَا اشْتَرَيْتِ وَبِئْسَ مَا شَرَيْتِ. رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، ثِنَا شُعْبَةُ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ، وَرَوَاهُ حَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ فِي حَدِيثِ إسْرَائِيلَ، حَدَّثَنِي أَبُو إِسْحَاقَ، عَنْ جَدَّتِهِ الْعَالِيَةِ يَعْنِي جَدَّةَ إسْرَائِيلَ، قَالَتْ: دَخَلْت عَلَى عَائِشَةَ فِي نِسْوَةٍ فَقَالَتْ: حَاجَتُكُنَّ؟ فَكَانَ أَوَّلُ مَنْ سَأَلَهَا أُمَّ مَحَبَّةَ فَقَالَتْ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ هَلْ تَعْرِفِينَ زَيْدَ بْنَ أَرْقَمَ؟ قَالَتْ: نَعَمْ. قَالَتْ: فَإِنِّي بِعْته جَارِيَةً بِثَمَانِمِائَةِ دِرْهَمٍ إلَى الْعَطَاءِ، وَأَنَّهُ أَرَادَ بَيْعَهَا فَابْتَعْتهَا بِسِتِّمِائَةِ دِرْهَمٍ نَقْدًا. فَأَقْبَلَتْ عَلَيْهَا وَهِيَ غَضْبَى. فَقَالَتْ: بِئْسَ مَا شَرَيْتِ وَبِئْسَ مَا اشْتَرَيْتِ أَبْلِغِي زَيْدًا أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ إلَّا أَنْ يَتُوبَ. وَأُفْحِمَتْ صَاحِبَتُنَا فَلَمْ تُكَلِّمْ طَوِيلًا، ثُمَّ أَنَّهُ سَهُلَ عَلَيْهَا فَقَالَتْ: يَا أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ أَرَأَيْتِ إنْ لَمْ آخُذْ إلَّا رَأْسَ مَالِي؟ فَتَلَتْ عَلَيْهَا: {فَمَنْ جَاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهَى فَلَهُ مَا سَلَفَ} [البقرة: ٢٧٥] .
فَهَذِهِ أَرْبَعَةُ أَحَادِيثَ تُبَيِّنُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَرَّمَ هَذَا.
حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ الَّذِي فِيهِ تَغْلِيظُ الْعِينَةِ - وَقَدْ فُسِّرَتْ فِي الْحَدِيثِ الْمُرْسَلِ بِأَنَّهَا مِنْ الرِّبَا، وَفِي حَدِيثِ أَنَسٍ، وَابْنِ عَبَّاسٍ بِأَنَّهَا أَنْ يَبِيعَ حَرِيرَةً مَثَلًا بِمِائَةٍ إلَى أَجَلٍ، ثُمَّ يَبْتَاعَهَا بِدُونِ ذَلِكَ نَقْدًا. وَقَالُوا هُوَ دَرَاهِمُ بِدَرَاهِمَ وَبَيْنَهُمَا حَرِيرَةٌ.
وَحَدِيثُ أَنَسٍ وَابْنِ عَبَّاسٍ أَيْضًا: " هَذَا مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ ".
وَالْحَدِيثُ الْمُرْسَلُ الَّذِي لَهُ مَا يُوَافِقُهُ، أَوْ الَّذِي عَمِلَ بِهِ السَّلَفُ حُجَّةٌ بِاتِّفَاقِ الْفُقَهَاءِ وَقَدْ تَقَدَّمَ مَعْنَاهُ مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ. وَحَدِيثُ عَائِشَةَ: " أَبْلِغِي زَيْدًا أَنَّهُ قَدْ أَبْطَلَ جِهَادَهُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَّا أَنْ يَتُوبَ ". وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا قَطْعٌ بِالتَّحْرِيمِ وَتَغْلِيظٌ لَهُ، وَلَوْلَا أَنَّ عِنْدَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ عِلْمًا مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute