أَحْمَدَ فِي مَوَاضِعَ، قَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُنْذِرِ فِي الرَّجُلِ يُصْدِقُ صَدَاقًا فِي السِّرِّ وَفِي الْعَلَانِيَةِ شَيْئًا آخَرَ يُؤَاخَذُ بِالْعَلَانِيَةِ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ أَبِي الْحَارِثِ: إذَا تَزَوَّجَهَا فِي الْعَلَانِيَةِ عَلَى شَيْءٍ وَأَسَرَّ غَيْرَ ذَلِكَ أُوخِذَ بِالْعَلَانِيَةِ، وَإِنْ كَانَ قَدْ أَشْهَرَ فِي السِّرِّ بِغَيْرِ ذَلِكَ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ الْأَثْرَمِ فِي رَجُلٍ أَصْدَقَ صَدَاقًا سِرًّا وَصَدَاقًا عَلَانِيَةً يُؤَاخَذُ بِالْعَلَانِيَةِ إذَا كَانَ قَدْ أَقَرَّ بِهِ قِيلَ لَهُ فَقَدْ أَشْهَدَ شُهُودًا فِي السِّرِّ بِغَيْرِهِ قَالَ: وَإِنْ؛ أَلَيْسَ قَدْ أَقَرَّ بِهَذَا أَيْضًا عِنْدَ شُهُودٍ؟ يُؤَاخَذُ بِالْعَلَانِيَةِ وَمَعْنَى قَوْلِهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَقَرَّ بِهِ أَيْ رَضِيَ بِهِ وَالْتَزَمَهُ لِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلَى ذَلِكُمْ إِصْرِي} [آل عمران: ٨١] . وَهَذَا يَعُمُّ التَّسْمِيَةَ فِي الْعَقْدِ وَالِاعْتِرَافَ بَعْدَهُ وَيُقَالُ أَقَرَّ بِالْجِزْيَةِ وَأَقَرَّ لِلسُّلْطَانِ بِالطَّاعَةِ وَهَذَا كَثِيرٌ فِي كَلَامِهِمْ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ صَالِحٍ فِي الرَّجُلِ يُعْلِنُ مَهْرًا وَيُخْفِي آخَرَ أُوخِذَ بِمَا يُعْلِنُ؛ لِأَنَّهُ بِالْعَلَانِيَةِ قَدْ أَشْهَدَ عَلَى نَفْسِهِ وَيَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَفُوا لَهُ بِمَا كَانَ أَسَرَّهُ.
وَقَالَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ إذَا تَزَوَّجَ امْرَأَةً فِي السِّرِّ وَأَعْلَنُوا مَهْرًا آخَرَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَفُوا، وَأَمَّا هُوَ فَيُؤَاخَذُ بِالْعَلَانِيَةِ.
قَالَ الْقَاضِي وَغَيْرُهُ: قَدْ أَطْلَقَ الْقَوْلَ بِمَهْرِ الْعَلَانِيَةِ، وَإِنَّمَا قَالَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَفُوا بِمَا أَسَرَّ عَلَى طَرِيقِ الِاخْتِيَارِ لِئَلَّا يَحْصُلَ مِنْهُمْ غُرُورٌ لَهُ فِي ذَلِكَ وَهَذَا الْقَوْلُ هُوَ قَوْلُ الشَّعْبِيِّ وَأَبِي قِلَابَةَ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَابْنِ شُبْرُمَةَ وَالْأَوْزَاعِيِّ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ الْمَشْهُورُ عَنْهُ، وَقَدْ نَصَّ فِي مَوْضِعٍ عَلَى أَنَّهُ يُؤَاخَذُ بِمَهْرِ السِّرِّ، فَقِيلَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ.
وَقِيلَ: بَلْ ذَاكَ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ كَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
وَقَالَ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَوْ أَكْثَرُهُمْ: إذَا عَلِمَ الْمَشْهُودُ أَنَّ الْمَهْرَ الَّذِي يُظْهِرُهُ سُمْعَةٌ، وَأَنَّ أَصْلَ الْمَهْرِ كَذَا وَكَذَا ثُمَّ تَزَوَّجَ وَأَعْلَنَ الَّذِي قَالَ فَالْمَهْرُ هُوَ السِّرُّ وَالسُّمْعَةُ بَاطِلَةٌ، وَهَذَا قَوْلُ الزُّهْرِيِّ، وَالْحَكَمِ بْنِ عُتْبَةَ، وَمَالِكٍ وَالثَّوْرِيِّ، وَاللَّيْثِ، وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ، وَإِسْحَاقَ.
وَعَنْ شُرَيْحٍ وَالْحَسَنِ كَالْقَوْلَيْنِ، وَذَكَرَ الْقَاضِي فِي مَوْضِعٍ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute