للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تَأْخِيرِ صَوْمِ رَمَضَانَ وَإِسْقَاطِ الزَّكَاةِ وَالْحَجِّ، وَإِسْقَاطِ الشُّفْعَةِ وَحِلِّ الرِّبَا، وَإِسْقَاطِ الْكَفَّارَاتِ فِي الصِّيَامِ وَالْإِحْرَامِ وَالْأَيْمَانِ وَحِلِّ السِّفَاحِ وَفَسْخِ الْعُقُودِ وَفِيهِ الْكَذِبُ وَشَهَادَةُ الزُّورِ، وَإِبْطَالُ الْحُقُوقِ وَغَيْرُ ذَلِكَ.

وَمِنْ أَقْبَحِ مَا فِيهِ الِاحْتِيَالُ لِمَنْ أَرَادَتْ فِرَاقَ زَوْجِهَا بِأَنْ تَرْتَدَّ عَنْ الْإِسْلَامِ فَيَعْرِضَ عَلَيْهَا الْإِسْلَامَ فَلَا تُسْلِمَ فَتُحْبَسَ وَيَنْفَسِخَ النِّكَاحُ ثُمَّ تَعُودَ إلَى الْإِسْلَامِ، وَإِلَى أَشْيَاءَ أُخَرَ وَكَثِيرٌ مِنْ هَذِهِ الْحِيَلِ حَرَامٌ بِاتِّفَاقِ الْعُلَمَاءِ مِنْ جَمِيعِ الطَّوَائِفِ بَلْ بَعْضُهَا كُفْرٌ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْمُبَارَكِ وَغَيْرُهُ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ الْأَمْرُ بِهَذِهِ الْحِيَلِ الَّتِي هِيَ مُحَرَّمَةٌ بِالِاتِّفَاقِ، أَوْ هِيَ كُفْرٌ إلَى أَحَدٍ مِنْ الْأَئِمَّةِ وَمَنْ يَنْسُبُ ذَلِكَ إلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ فَهُوَ مُخْطِئٌ فِي ذَلِكَ جَاهِلٌ بِأُصُولِ الْفُقَهَاءِ، وَإِنْ كَانَتْ الْحِيلَةُ قَدْ تَنْفُذُ عَلَى أَصْلِ بَعْضِهِمْ بِحَيْثُ لَا يُبْطِلُهَا عَلَى صَاحِبِهَا فَإِنَّ الْأَمْرَ بِالْحِيلَةِ شَيْءٌ وَعَدَمَ إبْطَالِهَا بِمَنْ يَفْعَلُهَا شَيْءٌ آخَرُ وَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ الْفَقِيهِ لَا يُبْطِلُهَا أَنْ يُبِيحَهَا فَإِنَّ كَثِيرًا مِنْ الْعُقُودِ يُحَرِّمُهَا الْفَقِيهُ، ثُمَّ لَا يُبْطِلُهَا، وَإِنْ كَانَ الْمَرْضِيُّ عِنْدَنَا إبْطَالَ الْحِيلَةِ وَرَدَّهَا عَلَى صَاحِبِهَا حَيْثُ أَمْكَنَ ذَلِكَ.

وَقَدْ ذَكَرْنَا مَا دَلَّ عَلَى تَحْرِيمِ الْحِيلَةِ، وَإِبْطَالِهَا. وَإِنَّمَا غَرَضُنَا هُنَا أَنَّ هَذِهِ الْحِيلَةَ الَّتِي هِيَ مُحَرَّمَةٌ فِي نَفْسِهَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُنْسَبَ إلَى إمَامٍ أَنَّهُ أَمَرَ بِهَا فَإِنَّ ذَلِكَ قَدْحٌ فِي إمَامَتِهِ وَذَلِكَ قَدْحٌ فِي الْأُمَّةِ حَيْثُ ائْتَمُّوا بِمَنْ لَا يَصْلُحُ لِلْإِمَامَةِ وَفِي ذَلِكَ نِسْبَةٌ لِبَعْضِ الْأَئِمَّةِ إلَى تَكْفِيرٍ، أَوْ تَفْسِيقٍ وَهَذَا غَيْرُ جَائِزٍ. وَلَوْ فُرِضَ أَنَّهُ حُكِيَ عَنْ وَاحِدٍ مِنْهُمْ الْأَمْرُ بِبَعْضِ هَذِهِ الْحِيلَةِ الْمُجْمَعِ عَلَى تَحْرِيمِهَا فَإِمَّا أَنْ تَكُونَ الْحِكَايَةُ بَاطِلَةً، أَوْ يَكُونَ الْحَاكِي لَمْ يَضْبِطْ الْأَمْرَ فَاشْتَبَهَ عَلَيْهِ إنْفَاذُهَا بِإِبَاحَتِهَا، وَإِنْ كَانَ أَمَرَ بِبَعْضِهَا فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ فَلَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَدْ تَابَ مِنْ ذَلِكَ وَلَمْ يُصِرَّ عَلَيْهِ بِحَيْثُ لَمْ يَمُتْ وَهُوَ مُصِرٌّ عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يُحْمَلْ الْأَمْرُ عَلَى ذَلِكَ لَزِمَ الْخُرُوجُ عَنْ إجْمَاعِ الْأُمَّةِ وَالْقَوْلُ بِفِسْقِ بَعْضِ الْأَئِمَّةِ أَوْ كُفْرِهِ وَكِلَا هَذَيْنِ غَيْرُ جَائِزٍ هَذَا لَعَمْرِي فِي الْحِيَلِ الَّتِي يَكُونُ الْأَمْرُ بِهَا أَمْرًا بِمَعْصِيَةٍ أَوْ كُفْرًا بِالِاتِّفَاقِ، مِثْلُ الْمَرْأَةِ الَّتِي تُرِيدُ أَنْ تُفَارِقَ زَوْجَهَا فَتُؤْمَرَ بِالرِّدَّةِ لِيَنْفَسِخَ النِّكَاحُ وَذَلِكَ أَنَّهَا إنْ ارْتَدَّتْ. فَفِيهِ قَوْلَانِ:

أَحَدُهُمَا: أَنَّ النِّكَاحَ يَنْفَسِخُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>