للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَتَزَوَّجُ لِيَحِلَّ لِي الْوَطْءُ، أَوْ أَذْبَحُ الشَّاةَ لِيَحِلَّ لِي اللَّحْمُ لَكَانَ قَدْ فَعَلَ مُبَاحًا، وَإِنْ كَانَ كُلٌّ مِنْ الْقِسْمَيْنِ حَرَامًا إلَّا عِنْدَ وُجُودِ ذَلِكَ السَّبَبِ.

وَمِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي أَنْ يَقُولَ: أُسَافِرُ لِأَقْصُرَ وَأُفْطِرَ، أَوْ أَعْدَمُ الْمَاءَ لِأَتَيَمَّمَ.

وَمِنْ الْأَوَّلِ أَنْ يَقُولَ: أُرِيدُ الْإِسْرَاعَ بِالْعُمْرَةِ لِأَتَحَلَّلَ مِنْهَا لِتَحِلَّ لِي مَحْظُورَاتُ الْإِحْرَامِ، لِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ التَّحَلُّلَ وَسِيلَةً إلَى فِعْلِهِ صَارَ مَقْصُودُهُ الْوُجُودَ إذَا أَرَادَهُ.

وَنِكَاحُ الْمُحَلِّلِ لَيْسَ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ لِأَنَّ السَّبَبَ الْمُبِيحَ لَيْسَ هُوَ مَنْصُوبًا لِحُصُولِ هَذَا الْحِلِّ أَعْنِي حِلَّهَا لِلْأَوَّلِ بَلْ لِحُصُولِ مَا يُنَافِيهِ بَلْ فِي نِكَاحِ الْأَوَّلِ لَهَا بَعْدَ الطَّلَاقِ الثَّلَاثِ مَفْسَدَةٌ اقْتَضَتْ الْحُرْمَةَ فَإِذَا نَكَحَهَا زَوْجٌ ثَانٍ زَالَتْ الْمَفْسَدَةُ فَيَعُودُ الْحِلُّ وَالشَّارِعُ لَمْ يَشْرَعْ نِكَاحَ الثَّانِي لِأَجْلِ أَنْ تَزُولَ الْمَفْسَدَةُ فَلَا يَكُونُ قَاصِدًا لِزَوَالِهَا فَلَا يَكُونُ حِلُّهَا لِلْأَوَّلِ مَقْصُودًا لِلشَّارِعِ إذَا أَرَادَهُ الْمُطَلِّقُ وَلَا إذَا لَمْ يُرِدْهُ لَكِنَّ نِكَاحَ الثَّانِي يَقْتَضِي زَوَالَ الْمَفْسَدَةِ.

إذَا تَبَيَّنَ هَذَا: فَإِذَا نَكَحَهَا لِيُحِلَّهَا لَمْ يَقْصِدْ النِّكَاحَ وَإِنَّمَا قَصَدَ أَثَرَ زَوَالِ النِّكَاحِ فَيَكُونُ هَذَا مَقْصُودَهُ وَهَذَا الْمَقْصُودُ لَمْ يَقْصِدْهُ الشَّارِعُ ابْتِدَاءً إنَّمَا أَثْبَتَهُ عِنْدَ زَوَالِ النِّكَاحِ الثَّانِي كَمَا تَقَرَّرَ فَلَا يَكُونُ النِّكَاحُ مَقْصُودًا لَهُ بَلْ الْحِلُّ لِلْمُطَلِّقِ هُوَ مَقْصُودُهُ وَلَيْسَ هَذَا الْحِلُّ مَقْصُودَ الشَّارِعِ بَلْ هُوَ تَابِعٌ لِلنِّكَاحِ الَّذِي يَتَعَقَّبُهُ بِطَلَاقٍ فَلَا تَتَّفِقُ إرَادَةُ الشَّارِعِ وَالْمُحَلِّلِ عَلَى وَاحِدٍ مِنْ الْأَمْرَيْنِ. أَوْ نِكَاحُهُ إنَّمَا أَرَادَهُ لِأَجْلِ الْحِلِّ لِلْمُطَلِّقِ وَالشَّارِعُ إنَّمَا أَرَادَ ثُبُوتَ الْحِلِّ مِنْ أَجْلِ النِّكَاحِ الْمُتَعَقَّبِ بِالطَّلَاقِ فَلَا يَكُونُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مُرَادًا لَهُمَا فَيَكُونُ عَبَثًا مِنْ جِهَةِ الشَّارِعِ وَالْعَاقِدِ، لِأَنَّ الْإِرَادَةَ الَّتِي لَا تُطَابِقُ مَقْصُودَ الشَّارِعِ غَيْرُ مُعْتَبَرَةٍ.

وَهَكَذَا الْخُلْعُ لِحِلِّ الْيَمِينِ فَإِنَّ الْخُلْعَ إنَّمَا جَعَلَهُ الشَّارِعُ مُوجِبًا لِلْبَيْنُونَةِ لِيَحْصُلَ مَقْصُودُ الْمَرْأَةِ مِنْ الِافْتِدَاءِ مِنْ زَوْجِهَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ مَقْصُودَهَا إذَا قَصَدَتْ أَنْ تُفَارِقَهُ عَلَى وَجْهٍ لَا يَكُونُ لَهُ عَلَيْهَا سَبِيلٌ فَإِذَا حَصَلَ هَذَا، ثُمَّ فَعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ وَقَعَ وَلَيْسَتْ هِيَ زَوْجَةً فَلَا يَحْنَثُ فَكَانَ هَذَا تَبَعًا لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ الَّذِي هُوَ تَبَعٌ لِقَصْدِ الْبَيْنُونَةِ فَإِذَا خَالَعَ امْرَأَتَهُ لِيَفْعَلَ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ لَمْ يَكُنْ قَصْدُهُمَا الْبَيْنُونَةَ بَلْ حِلَّ الْيَمِينِ، وَحِلُّ الْيَمِينِ إنَّمَا جَاءَ تَبَعًا لِحُصُولِ الْبَيْنُونَةِ لَا مَقْصُودًا بِهِ فَتَصِيرُ الْبَيْنُونَةُ لِأَجْلِ حِلِّ الْيَمِينِ وَحِلُّ الْيَمِينِ لِأَجْلِ الْبَيْنُونَةِ فَلَا يَصِيرُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا مَقْصُودًا فَلَا يُشْرَعُ عَقْدٌ لَيْسَ بِمَقْصُودٍ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>