للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نُقِلَ عَنْ ابْنِ مَعِينٍ أَنَّهُ قَالَ هَذَا حَدِيثٌ بَاطِلٌ لَيْسَ لَهُ أَصْلٌ شُبِّهَ فِيهِ عَلَى نُعَيْمٍ وَنُقِلَ هَذَا عَنْ غَيْرِ ابْنِ مَعِينٍ، وَمَعَ هَذَا فَقَدْ نُقِلَ عَنْ جَمَاعَةٍ آخَرِينَ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ وَبَعْضُ النَّاسِ يَقُولُ: سَرَقُوهُ مِنْ نُعَيْمٍ وَلَا حُجَّةَ لِمَنْ يَقُولُ ذَلِكَ فِي بَعْضِ النَّاسِ، وَمِمَّنْ رَوَاهُ عَنْ عِيسَى أَيْضًا سُوَيْد بْنُ سَعِيدٍ وَكَانَ أَحْمَدُ يُثْنِي عَلَيْهِ وَكَذَا يُثْنِي لِوَالِدَيْهِ عَلَيْهِ وَرَوَاهُ عَنْهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ وَقَدْ أَنْكَرَ عَلَيْهِ ابْنُ مَعِينٍ بِتَفَرُّدِهِ بِحَدِيثٍ، ثُمَّ وَجَدُوا لَهُ أَصْلًا عِنْدَ غَيْرِهِ قَالَ أَبُو أَحْمَدَ بْنُ عَدِيٍّ قَالَ جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ وَقَفْت سُوَيْدًا عَلَى هَذَا الْحَدِيثِ بَعْدَ أَنْ حَدَّثَنِي بِهِ وَدَارَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ كَلَامٌ كَثِيرٌ وَهَذَا إنَّمَا يُعْرَفُ بِنُعَيْمِ بْنِ حَمَّادٍ رَوَاهُ عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ فَتَكَلَّمَ النَّاسُ فِيهِ بِجُرْأَةٍ وَرَوَاهُ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ خُرَاسَانَ يُقَالُ لَهُ الْحَكَمُ بْنُ الْمُبَارَكِ، وَيُقَالُ: إنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ، ثُمَّ سَرَقَهُ مِنْهُ قَوْمٌ ضُعَفَاءُ فَهَذَا الْقَدْرُ الَّذِي ذُكِرَ لَا يُوجِبُ تَرْكَهُ قَدْحًا فِي الْحَدِيثِ إذَا رَوَاهُ عِدَّةٌ مِنْ الثِّقَاتِ وَرَوَتْهُ طَائِفَةٌ عَنْ نُعَيْمٍ عَنْ عِيسَى وَطَائِفَةٌ عَنْهُ عَنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ عَنْ عِيسَى وَهَذَا الْقَدْرُ قَدْ يَحْتَجُّ بِهِ مَنْ لَا يَرَى الْحَدِيثَ مَحْفُوظًا وَقَدْ يُجِيبُ عَنْهُ مَنْ يَحْتَجُّ لَهُ بِأَنَّ هَذَا مِنْ إتْقَانِ نُعَيْمٍ فَإِنَّهُ كَانَ قَدْ سَمِعَهُ مِنْ ابْنِ الْمُبَارَكِ، ثُمَّ سَمِعَهُ مِنْ عِيسَى فَرَغْبَتُهُ فِي عُلُوِّ الْإِسْنَادِ بِتَحَمُّلِهِ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْ عِيسَى وَرَغْبَتُهُ فِي التَّحَمُّلِ بِابْنِ الْمُبَارَكِ تَحْمِلُهُ عَلَى الرِّوَايَةِ عَنْهُ وَفِي الْجُمْلَةِ فَإِسْنَادُهُ فِي الظَّاهِرِ جَيِّدٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ اطَّلَعَ فِيهِ عَلَى عِلَّةٍ خَفِيَّةٍ وَمَعْنَاهُ شَبِيهٌ بِالْوَاقِعِ.

فَإِنَّ فَتْوَى مِنْ مُفْتٍ فِي الْحَلَالِ وَالْحَرَامِ بِرَأْيٍ يُخَالِفُ السُّنَّةَ أَضَرُّ عَلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ، وَقَدْ ذَكَرَ هَذَا الْمَعْنَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، فَإِنَّ مَذَاهِبَ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ قَدْ اشْتَهَرَتْ الْأَحَادِيثُ الَّتِي تَرُدُّهَا وَاسْتَفَاضَتْ، وَأَهْلُ الْأَهْوَاءِ مَقْمُوعُونَ فِي الْأَمْرِ الْغَالِبِ عِنْدَ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ بِخِلَافِ الْفُتْيَا فَإِنَّ أَدِلَّتَهَا مِنْ السُّنَّةِ قَدْ لَا يَعْرِفُهَا إلَّا الْأَفْرَادُ وَلَا يُمَيِّزُ ضَعِيفَهَا فِي الْغَالِبِ إلَّا الْخَاصَّةُ، وَقَدْ يَنْتَصِبُ لِلْفُتْيَا وَالْقَضَاءِ مِمَّنْ يُخَالِفُهَا كَثِيرٌ.

وَقَدْ جَاءَ مِثْلُ مَعْنَاهُ مَحْفُوظًا مِنْ حَدِيثِ الْمُجَالِدِ عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ مَسْرُوقٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ قَالَ: «لَيْسَ عَامٌ إلَّا الَّذِي بَعْدَهُ شَرٌّ مِنْهُ لَا أَقُولُ عَامٌ أَمْطَرُ مِنْ عَامٍ وَلَا عَامٌ أَخْصَبُ مِنْ عَامٍ وَلَا أَمِيرٌ خَيْرٌ مِنْ أَمِيرٍ وَلَكِنَّ ذَهَابَ خِيَارِكُمْ وَعُلَمَائِكُمْ ثُمَّ يَحْدُثُ قَوْمٌ يَقِيسُونَ الْأُمُورَ بِرَأْيِهِمْ فَيَنْهَدِمُ الْإِسْلَامُ وَيَنْثَلِمُ» ، وَهَذَا الَّذِي فِي حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَهُوَ بِعَيْنِهِ الَّذِي فِي حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَيْثُ قَالَ: «وَلَكِنْ يَنْتَزِعُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>