للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَحَبَّ لِمَنْ صَلَّى إلَى عَمُودٍ أَوْ عُودٍ وَنَحْوِهِ أَنْ يَجْعَلَهُ عَلَى أَحَدِ حَاجِبَيْهِ وَلَا يَصْمُدَ إلَيْهِ صَمْدًا قَطْعًا لِذَرِيعَةِ التَّشْبِيهِ بِالسُّجُودِ لِغَيْرِ اللَّهِ سُبْحَانَهُ. الثَّانِي وَالْعِشْرُونَ: أَنَّهُ سُبْحَانَهُ مَنَعَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أَنْ يَقُولُوا لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رَاعِنَا مَعَ قَصْدِهِمْ الصَّالِحَ؛ لِئَلَّا تَتَّخِذَهُ الْيَهُودُ ذَرِيعَةً إلَى سَبِّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَلِئَلَّا يُشْتَبَهَ بِهِمْ، وَلِئَلَّا يُخَاطَبَ بِلَفْظٍ يَحْتَمِلُ مَعْنًى فَاسِدًا. الثَّالِثُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّهُ أَوْجَبَ الشُّفْعَةَ لِمَا فِيهِ مِنْ رَفْعِ الشَّرِكَةِ وَمَا ذَاكَ إلَّا لِمَا يُفْضِي إلَيْهِ مِنْ الْمَعَاصِي الْمُعَلَّقَةِ بِالشَّرِكَةِ وَالْقِسْمَةِ سَدًّا لِهَذِهِ الْمَفْسَدَةِ بِحَسَبِ الْإِمْكَانِ.

الرَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَمَرَ رَسُولَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَنْ يَحْكُمَ بِالظَّاهِرِ مَعَ إمْكَانِ أَنْ يُوحِيَ إلَيْهِ الْبَاطِنَ، وَأَمَرَهُ أَنْ يُسَوِّيَ الدَّعَاوَى بَيْنَ الْعَدْلِ وَالْفَاسِقِ وَأَنْ لَا يَقْبَلَ شَهَادَةَ ظَنِينٍ فِي قَرَابَةٍ وَإِنْ وَثِقَ بِتَقْوَاهُ، حَتَّى لَمْ يَجُزْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِعِلْمِهِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْفُقَهَاءِ لِيَنْضَبِطَ طَرِيقُ الْحُكْمِ، فَإِنَّ التَّمْيِيزَ بَيْنَ الْخُصُومِ وَالشُّهُودِ يَدْخُلُ فِيهِ مِنْ الْجَهْلِ وَالظُّلْمِ مَا لَا يَزُولُ إلَّا بِحَسْمِ هَذِهِ الْمَادَّةِ وَإِنْ أَفْضَتْ فِي آحَادِ الصُّوَرِ إلَى الْحُكْمِ لِغَيْرِ الْحَقِّ فَإِنَّ فَسَادَ ذَلِكَ قَلِيلٌ إذَا لَمْ يَتَعَمَّدْ فِي جَنْبِ فَسَادِ الْحُكْمِ بِغَيْرِ طَرِيقٍ مَضْبُوطٍ مِنْ قَرَائِنَ أَوْ فِرَاسَةٍ أَوْ صَلَاحِ خَصْمٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَقَعُ بِهَذَا صَلَاحٌ قَلِيلٌ مَغْمُورٌ بِفَسَادٍ كَثِيرٍ. الْخَامِسُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ مَنَعَ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمَّا كَانَ بِمَكَّةَ مِنْ الْجَهْرِ بِالْقُرْآنِ حَيْثُ كَانَ الْمُشْرِكُونَ يَسْمَعُونَهُ فَيَسُبُّونَ الْقُرْآنَ وَمَنْ أَنْزَلَهُ وَمَنْ جَاءَ بِهِ. السَّادِسُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ أَوْجَبَ إقَامَةَ الْحُدُودِ سَدًّا لِلتَّذَرُّعِ إلَى الْمَعَاصِي إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهَا زَاجِرٌ وَإِنْ كَانَتْ الْعُقُوبَاتُ مِنْ جِنْسِ الشَّرِّ، وَلِهَذَا لَمْ تُشْرَعْ الْحُدُودُ إلَّا فِي مَعْصِيَةٍ تَتَقَاضَاهَا الطِّبَاعُ كَالزِّنَا وَالشُّرْبِ وَالسَّرِقَةِ وَالْقَذْفِ دُونَ أَكْلِ الْمَيْتَةِ وَالرَّمْيِ بِالْكُفْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ فَإِنَّهُ اكْتَفَى فِيهِ بِالتَّعْزِيرِ، ثُمَّ إنَّهُ أَوْجَبَ عَلَى السُّلْطَانِ إقَامَةَ الْحُدُودِ إذَا رُفِعَتْ إلَيْهِ الْجَرِيمَةُ وَإِنْ تَابَ الْعَاصِي عِنْدَ ذَلِكَ وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا يَعُودُ إلَيْهَا لِئَلَّا يُفْضِيَ تَرْكُ الْحَدِّ بِهَذَا السَّبَبِ إلَى تَعْطِيلِ الْحُدُودِ، مَعَ الْعِلْمِ بِأَنَّ التَّائِبَ مِنْ الذَّنْبِ كَمَنْ لَا ذَنْبَ لَهُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>