للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السَّابِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَنَّ الِاجْتِمَاعَ عَلَى إمَامٍ وَاحِدٍ فِي الْإِمَامَةِ الْكُبْرَى وَفِي الْجُمُعَةِ وَالْعِيدَيْنِ وَالِاسْتِسْقَاءِ وَفِي صَلَاةِ الْخَوْفِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مَعَ كَوْنِ إمَامَيْنِ فِي صَلَاةِ الْخَوْفِ أَقْرَبُ إلَى حُصُولِ الصَّلَاةِ الْأَصْلِيَّةِ لِمَا فِي التَّفْرِيقِ مِنْ خَوْفِ تَفْرِيقِ الْقُلُوبِ وَتَشَتُّتِ الْهِمَمِ، ثُمَّ إنَّ مُحَافَظَةَ الشَّارِعِ عَلَى قَاعِدَةِ الِاعْتِصَامِ بِالْجَمَاعَةِ وَصَلَاحِ ذَاتِ الْبَيْنِ وَزَجْرِهِ عَمَّا قَدْ يُفْضِي إلَى ضِدِّ ذَلِكَ فِي جَمِيعِ التَّصَرُّفَاتِ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ، وَكُلُّ ذَلِكَ يُشْرَعُ لِوَسَائِلِ الْأُلْفَةِ وَهِيَ مِنْ الْأَفْعَالِ وَزَجْرٍ عَنْ ذَرَائِعِ الْفُرْقَةِ، وَهِيَ مِنْ الْأَفْعَالِ أَيْضًا.

الثَّامِنُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ السُّنَّةَ مَضَتْ بِكَرَاهَةِ إفْرَادِ رَجَبٍ بِالصَّوْمِ.

وَكَرَاهَةِ إفْرَادِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ، وَجَاءَ عَنْ السَّلَفِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ صَوْمِ أَيَّامِ أَعْيَادِ الْكُفَّارِ وَإِنْ كَانَ الصَّوْمُ نَفْسُهُ عَمَلًا صَالِحًا لِئَلَّا يَكُونَ ذَرِيعَةً إلَى مُشَابَهَةِ الْكُفَّارِ وَتَعْظِيمُ الشَّيْءِ تَعْظِيمًا غَيْرُ مَشْرُوعٍ. التَّاسِعُ وَالْعِشْرُونَ: أَنَّ الشُّرُوطَ الْمَضْرُوبَةَ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ تَضَمَّنَتْ تَمْيِيزَهُمْ عَنْ الْمُسْلِمِينَ فِي اللِّبَاسِ وَالشُّعُورِ وَالْمَرَاكِبِ وَغَيْرِهَا لِئَلَّا تُفْضِي مُشَابَهَتُهُمْ إلَى أَنْ يُعَامَلَ الْكَافِرُ مُعَامَلَةَ الْمُسْلِمِ.

الثَّلَاثُونَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَمَرَ الَّذِي أَرْسَلَ مَعَهُ بِهَدِيَّةٍ إذَا عَطِبَ شَيْءٌ مِنْهُ دُونَ الْمَحَلِّ أَنْ يَنْحَرَهُ وَيَصْبُغَ نَعْلَهُ الَّذِي قَلَّدَهُ بِدَمِهِ وَيُخَلِّيَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ النَّاسِ وَنَهَاهُ أَنْ يَأْكُلَ مِنْهُ هُوَ أَوْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ رُفْقَتِهِ، قَالُوا وَسَبَبُ ذَلِكَ أَنَّهُ إذَا جَازَ لَهُ أَنْ يَأْكُلَ أَوْ يُطْعِمَ أَهْلَ رُفْقَتِهِ قَبْلَ بُلُوغِ الْمَحَلِّ فَرُبَّمَا دَعَتْهُ نَفْسُهُ إلَى أَنْ يُقَصِّرَ فِي عَلَفِهَا وَحِفْظِهَا مِمَّا يُؤْذِيهَا لِحُصُولِ غَرَضِهِ بِعَطَبِهَا دُونَ الْمَحَلِّ كَحُصُولِهِ بِبُلُوغِهَا الْمَحَلَّ مِنْ الْأَكْلِ وَالْإِهْدَاءِ، فَإِذَا أَيِسَ مِنْ حُصُولِ غَرَضِهِ فِي عَطَبِهَا كَانَ ذَلِكَ أَدْعَى إلَى إبْلَاغِهَا الْمَحَلَّ وَأَحْسَمُ لِمَادَّةِ هَذَا الْفَسَادِ، وَهَذَا مِنْ أَلْطَفِ سَدِّ الذَّرَائِعِ.

وَالْكَلَامُ فِي سَدِّ الذَّرَائِعِ وَاسِعٌ لَا يَكَادُ يَنْضَبِطُ، وَلَمْ نَذْكُرْ مِنْ شَوَاهِدِ هَذَا الْأَصْلِ إلَّا مَا هُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ أَوْ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ أَوْ مَأْثُورٌ عَنْ الصَّدْرِ الْأَوَّلِ شَائِعٌ عَنْهُمْ، إذْ الْفُرُوعُ الْمُخْتَلَفُ فِيهَا يُحْتَجُّ لَهَا بِهَذِهِ الْأُصُولِ لَا يُحْتَجُّ بِهَا، وَلَمْ يَذْكُرْ الْحِيَلَ الَّتِي قَصَدَ بِهَا الْحَرَامَ كَاحْتِيَالِ الْيَهُودِ، وَلَا مَا كَانَ وَسِيلَةً إلَى مَفْسَدَةٍ لَيْسَتْ هِيَ فِعْلًا مُحَرَّمًا وَإِنْ أَفْضَتْ إلَيْهِ كَمَا فَعَلَ مَنْ اسْتَشْهَدَ لِلذَّرَائِعِ فَإِنَّ هَذَا يُوجِبُ أَنْ يَدْخُلَ عَامَّةُ الْمُحَرَّمَاتِ

<<  <  ج: ص:  >  >>