قَالَ: وَإِذَا اخْتَلَفَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخَذَ رَجُلٌ بِقَوْلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخَذَ آخَرُ بِقَوْلِ التَّابِعِينَ كَانَ الْحَقُّ فِي قَوْلِ أَصْحَابِ رَسُولِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِ التَّابِعِينَ كَانَ تَأْوِيلُهُ خَطَأً. وَالْحَقُّ عِنْدَ اللَّهِ وَاحِدٌ، وَلَوْ أَنَّ حَاكِمًا حَكَمَ فِي الْمُفْلِسِ أَنَّهُ أَسْبَقُ الْغُرَمَاءِ
إذَا وَجَدَ رَجُلٌ عَيْنَ مَالِهِ، ثُمَّ رُفِعَ إلَى حَاكِمٍ آخَرَ، فَذَهَبَ إلَى حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - رُدَّ لِحُكْمِ هَذَا الْحَاكِمِ. وَإِنَّمَا يَجُوزُ حُكْمُ الْحَاكِمِ إذَا حَكَمَ أَنْ لَا يُرَدَّ إذَا اعْتَدَلَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَهَذَا لَا يُرَدُّ أَوْ يَخْتَلِفُ عَنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخَذَ رَجُلٌ بِبَعْضِ قَوْلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. فَهَذَا لَا يُرَدُّ أَوْ يَخْتَلِفُ عَنْ التَّابِعِينَ، فَأَخَذَ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ فَهَذَا لَا يُرَدُّ، فَأَمَّا إذَا كَانَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَأَخَذَ بِقَوْلِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ بِقَوْلِ التَّابِعِينَ، فَهَذَا يُرَدُّ حُكْمُهُ؛ لِأَنَّهُ حُكْمٌ بِجَوْرٍ وَتَأَوُّلٍ وَذَكَرَ حَدِيثَ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ عَنْ الْقَاسِمِ عَنْ عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا -، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ» قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مَنْ عَمِلَ خِلَافَ مَا رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَوْ خِلَافَ السُّنَّةِ رُدَّ عَلَيْهِ، وَهَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ.
وَقَدْ بَيَّنَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ فُنُونَ الِاخْتِلَافِ وَقَسَّمَهُ خَمْسَةَ أَقْسَامٍ. أَحَدُهَا: أَنْ يَتَعَارَضَ حَدِيثَانِ صَحِيحَانِ. الثَّانِي: أَنْ يُعَارِضَ الْحَدِيثَ الصَّحِيحَ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ. الثَّالِثُ: أَنْ يُعَارِضَ قَوْلَ صَاحِبٍ. الرَّابِعُ: أَنْ لَا يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ نَصٌّ بَلْ اخْتَلَفَ فِيهَا الصَّحَابَةُ فَأَخَذَ بِقَوْلِ بَعْضِهِمْ. الْخَامِسُ: أَنْ يَأْخُذَ بِالْقَوْلِ الثَّالِثِ أَوْ الثَّانِي الَّذِي أُحْدِثَ بَعْدَ اتِّفَاقِ الصَّحَابَةِ عَلَى قَوْلٍ أَوْ قَوْلَيْنِ، وَبَيَّنَ أَنَّ مَنْ خَالَفَ النَّصَّ الصَّحِيحَ لِقَوْلِ صَاحِبٍ أَوْ حَدِيثٍ ضَعِيفٍ أَوْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute