للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُطَلَّقَةَ ثَلَاثًا حَتَّى تَحِلَّ لِلزَّوْجِ الْأَوَّلِ، فَجَعَلُوا كُلَّ مَنْ تَزَوَّجَهَا لِتَحِلَّ لِلْأَوَّلِ مُحَلِّلًا فِي اللُّغَةِ. الثَّالِثِ: اسْتِعْمَالُ الْخَاصَّةِ وَالْعَامَّةِ إلَى الْيَوْمِ فَإِنَّهُمْ يُسَمُّونَ كُلَّ مَنْ تَزَوَّجَ الْمَرْأَةَ لِيُحِلَّهَا مُحَلِّلًا وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ التَّحْلِيلَ فِي الْعَقْدِ.

وَالْأَصْلُ بَقَاءُ اللُّغَةِ وَتَقْرِيرُهَا لَا نَقْلُهَا وَتَغْيِيرُهَا، وَإِنْ لَمْ يَثْبُتْ أَنَّ اسْمَ الْمُحَلِّلِ كَانَ مَقْصُورًا فِي لُغَةِ مَنْ كَانَ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -. عَلَى الشَّارِطِ فِي الْعَقْدِ وَإِلَّا لَمْ يَحْكُمْ بِأَنَّهُ مِنْ الْأَسْمَاءِ الْمَنْقُولَةِ أَوْ الْمُغَيَّرَةِ، فَكَيْفَ وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ أَهْلِ عَصْرِهِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ مَنْ قَصَدَ التَّحْلِيلَ مُحَلِّلًا، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ، وَكَذَلِكَ نَقَلَ أَهْلُ اللُّغَةِ وَكَذَلِكَ هُوَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ فَإِنَّ مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ بَاطِلٌ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ نِكَاحُ الْمُحَلِّلِ بَاطِلٌ إذَا شَرَطَ التَّحْلِيلَ فِي الْعَقْدِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ هُوَ صَحِيحٌ، وَهَذَا اتِّفَاقٌ مِنْهُمْ عَلَى أَنَّ الْمُحَلِّلَ يَنْقَسِمُ إلَى قَاصِدٍ وَإِلَى شَارِطٍ، وَلَيْسَ تَصْحِيحُ بَعْضِهِمْ لِنِكَاحِ الْقَاصِدِ مَانِعًا مِنْ أَنْ يُسَمِّيَهُ مُحَلِّلًا كَمَا أَنَّ مَنْ صَحَّحَ نِكَاحَ الشَّارِطِ فَإِنَّهُ يُسَمِّيهِ أَيْضًا مُحَلِّلًا إذْ الْفُقَهَاءُ إنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي حُكْمِ النِّكَاحِ. لَا فِي اسْمِهِ فَثَبَتَ بِالنَّقْلِ وَاسْتِعْمَالِ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ أَنَّ هَذَا يُسَمَّى مُحَلِّلًا.

الرَّابِعُ: أَنَّ الْمُحَلِّلَ اسْمٌ لِمَنْ حَلَّلَ الشَّيْءَ الْحَرَامَ فَإِنَّهُ اسْمُ فَاعِلٍ لِمَنْ أَحَلَّ الْمَرْأَةَ وَحَلَّلَهَا، إذَا جَعَلَهَا حَلَالًا، وَهَذَا الْمَعْنَى يَشْمَلُ كُلَّ مَنْ تَزَوَّجَهَا لِيُحِلَّهَا فَإِنَّا قَدْ قَدَّمْنَا أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِهِ مَنْ جَعَلَهَا حَلَالًا فِي حُكْمِ اللَّهِ فِي الْبَاطِنِ.

وَإِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ مَنْ قَصَدَ التَّحْلِيلَ وَأَرَادَهُ وَهَذَا الْمَعْنَى بِالْمُرِيدِ أَخَصُّ مِنْهُ بِالشَّارِطِ.

وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ مَنْ جَعَلَهَا حَلَالًا عِنْدَ النَّاسِ وَلَيْسَتْ حَلَالًا عِنْدَ اللَّهِ، فَهَذَا أَيْضًا فِي الْقَاصِدِ أَظْهَرُ مِنْهُ فِي الشَّارِطِ إذْ الشَّارِطُ قَدْ أَظْهَرَ الْمُفْسِدَ لِلْعَقْدِ فَلَا يَحْصُلُ الْحِلُّ لَا فِي الظَّاهِرِ وَلَا فِي الْبَاطِنِ بِخِلَافِ الْكَاتِمِ لِلْقَصْدِ فَعُلِمَ أَنَّ إظْهَارَ التَّحْلِيلِ أَوْ اشْتِرَاطَهُ لَا تَأْثِيرَ لَهُ فِي اسْتِحْقَاقِ اسْمِ الْمُحَلِّلِ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إذَا كَانَ قَدْ قَصَدَ التَّحْلِيلَ وَأَرَادَهُ.

الْخَامِسُ: أَنَّهُ لَا رَيْبَ أَنَّ مَنْ قَصَدَ التَّحْلِيلَ يُسَمَّى مُحَلِّلًا، إذَا بَاشَرَ سَبَبَهُ، كَمَا يُسَمَّى مَنْ حَرَّمَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ مُحَرِّمًا لِقَصْدِ التَّحْرِيمِ وَمُبَاشَرَةِ سَبَبِهِ، وَمَنْ أَظْهَرَ التَّحْلِيلَ فِي الْعَقْدِ يُسَمَّى مُحَلِّلًا لِاشْتِرَاطِهِ إيَّاهُ وَإِذَا كَانَ قِيَاسُ التَّصْرِيفِ وَالْأُصُولُ الْكُلِّيَّةُ لِلُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ، تُوجِبُ تَسْمِيَةَ كُلٍّ مِنْهُمَا مُحَلِّلًا، لَمْ يَجُزْ سَلْبُ أَحَدِهِمَا اسْمَ التَّحْلِيلِ، بَلْ يَكُونُ اللَّفْظُ شَامِلًا لَهُمَا، وَاعْلَمْ أَنَّا سَنُبَيِّنُ مِنْ وُجُوهٍ أَنَّ الْحَدِيثَ قُصِدَ بِهِ وَعَنَى بِهِ مَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>