للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَيْسَ هُوَ مُحَلِّلًا أَصْلًا فَلَا يَدْخُلُ فِي عُمُومِ اللَّفْظِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا يَكُونُ هَذَا تَخْصِيصًا وَدَلِيلُ هَذَا أَنَّ الْمُؤَثِّرَ فِي الْعَقْدِ اسْمًا وَحُكْمًا مَا قَارَنَهُ وَهُوَ الَّذِي يَخْتَلِفُ الْإِسْلَامُ بِاخْتِلَافِهِ، فَأَمَّا مُجَرَّدُ الْبَاطِنِ فَلَا يُوجِبُ تَغْيِيرَ الِاسْمِ ثُمَّ لَا بُدَّ مِنْ الدَّلِيلِ عَلَى أَنَّ الْقَاصِدَ لِلتَّحْلِيلِ مِنْ غَيْرِ شَرْطٍ مُحَلِّلٌ حَتَّى يَدْخُلَ فِي الْحَدِيثِ وَإِلَّا فَالْأَصْلُ عَدَمُ دُخُولِهِ، قُلْنَا الْكَلَامُ فِي مَقَامَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّ اسْمَ الْمُحَلِّلِ يَعُمُّ الْقَاصِدَ وَالشَّارِطَ فِي الْعَقْدِ، وَقَبْلَهُ بِمَعْنَى أَنَّ لَفْظَ الْمُحَلِّلِ يَقَعُ عَلَى هَذَا كُلِّهِ.

وَالثَّانِي: أَنَّهُ يَجِبُ إجْرَاءُ الْحَدِيثِ عَلَى عُمُومِهِ، وَأَنَّ عُمُومَهُ مُرَادٌ.

أَمَّا الْمَقَامُ الْأَوَّلُ: فَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ مِنْ وُجُوهٍ: أَحَدِهَا: أَنَّ السَّلَفَ كَانُوا يُسَمُّونَ الْقَاصِدَ لِلتَّحْلِيلِ مُحَلِّلًا، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ، وَالْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُحَلِّلُ عَامًّا لِكُلِّ مَنْ قَصَدَ التَّحْلِيلَ مُحَلِّلًا وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْهُ، وَالْأَصْلُ فِي الْإِطْلَاقِ الْحَقِيقَةُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمُحَلِّلُ عَامًّا لِكُلِّ مَنْ قَصَدَ التَّحْلِيلَ، وَإِلَّا كَانَ إطْلَاقُهُ عَلَى غَيْرِ الشَّارِطِ بِطَرِيقِ الِاشْتِرَاكِ أَوْ الْمَجَازِ، وَهَذَا لَا يَجُوزُ الْمَصِيرُ إلَيْهِ إلَّا لِمُوجِبٍ وَلَا مُوجِبَ مِثْلَ مَا سَيَأْتِي عَنْ ابْنِ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ الْمُحَلِّلِ وَالْمُحَلَّلِ لَهُ قَالَ: لَا يَزَالَانِ زَانِيَيْنِ، وَإِنْ مَكَثَا عِشْرِينَ سَنَةً، إذَا عَلِمَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ أَنَّهُمَا أَرَادَا أَنْ يُحَلِّلَاهَا، وَمَعْلُومٌ أَنَّهُ إنَّمَا سُئِلَ عَمَّنْ يَقْصِدُ التَّحْلِيلَ، وَإِنْ لَمْ يَشْرِطْ، فَإِنَّهُ أَجَابَ عَنْ ذَلِكَ وَقَدْ سُمِّيَ مُحَلِّلًا، وَفِي لَفْظٍ عَنْهُ: إذَا عَلِمَ اللَّهُ أَنَّهُمَا مُحَلَّلَانِ لَا يَزَالَانِ زَانِيَيْنِ، فَأَطْلَقَ عَلَى الْقَاصِدِ اسْمَ الْمُحَلِّلِ، وَفِي رِوَايَةٍ عَنْهُ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لِيُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا فَقَالَ: " لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ هُمَا زَانِيَانِ " فَسُئِلَ عَمَّنْ قَصَدَ التَّحْلِيلَ فَأَجَابَ بِلَعْنَةِ الْمُحَلِّلِ وَالْمُحَلَّلِ لَهُ، فَعُلِمَ دُخُولُ الْقَاصِدِ فِي الْمُحَلِّلِ وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ قَدْ أَجَابَ وَهَذَا مَوْجُودٌ فِي كَلَامِ غَيْرِ وَاحِدٍ كَمَا قَدَّمْنَا فِي أَلْفَاظِ السَّلَفِ فِي أَوَّلِ الْمَسْأَلَةِ، وَكَمَا سَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ مِنْ أَلْفَاظِ الصَّحَابَةِ فَإِنَّهُ مَنْ تَأَمَّلَهَا عَلِمَ بِالِاضْطِرَارِ أَنَّهُمْ كَانُوا يُسَمُّونَ الْقَاصِدَ لِلتَّحَلُّلِ مُحَلِّلًا، وَيَدْخُلُ عِنْدَهُمْ فِي الِاسْمِ إذْ كَانَ هُوَ الَّذِي يُسَمُّونَهُ مُحَلِّلًا لِعَدَمِ الشَّارِطِ فِي الْعَقْدِ عِنْدَهُمْ أَوْ لِقِلَّتِهِ.

الثَّانِي: أَنَّهُ قَدْ قَالَ أَهْلُ اللُّغَةِ مِنْهُمْ الْجَوْهَرِيُّ الْمُحَلِّلُ فِي النِّكَاحِ الَّذِي يَتَزَوَّجُ

<<  <  ج: ص:  >  >>